للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا اختلف العلماء الذين أجازوا زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام في زواجه بها في دار الحرب. (١)

قال القرطبى: وأما نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربًا فلا يحل. وسئل ابن عباس عن ذلك فقال: لا يحل، وتلا قول اللَّه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. . . إلى قوله. . . وَهُمْ صَاغِرُونَ}. قال المحدث: حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه.

وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير. (٢)

وسبب التحريم: أن المسلم مأمور بقتال الكفار المحاربين وفي زواجه بالحربية في دار الحرب ركون إلى تلك الدار وداع إلى سكناه بها وبقائه فيها، وذلك يعود إلى معنى قتاله مع إخوانه المسلمين بالنقض؛ بل إن في بقائه في دار الحرب مع ذريته تكثير لسواد الكفار المحاربين على المسلمين.

ولذا قال النووي: وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ ولَكِنْ تُكْرَهُ حَرْبِيَّةٌ وَكَذَا ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وقال في الحاشية: لكن الحربية أشد كراهة منها. (٣)

وقال الخرقي: ولا يتزوج في أرض العدو إلا أن تغلب عليه الشهوة فيتزوج مسلمة ويعزل عنها ولا يتزوج منهم ومن اشترى منهم جارية لم يطأها في الفرج وهو في أرضهم. (٤)

وقال ابن القيم: وإنما الذي نص عليه أحمد ما رواه عنه ابنه عبد اللَّه قال: أكره أن يتزوج الرجل في دار الحرب أو يتسرى من أجل ولده، وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: لا يتزوج ولا يتسرى الأسير في دار الحرب، وإن خاف على نفسه لا يتزوج. وقال في رواية


(١) حكم زواج المسلم بالكتابية د/ عبد اللَّه الأهدل.
(٢) تفسير القرطبي (٣/ ٧٣).
(٣) المنهاج مع الحاشية (٢/ ١٨٧).
(٤) المغني (٩/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>