الذنب والعقاب للاعتبار والتخويف. يقول تعالى عقب قصة قوم لوط: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)} [الأعراف: ٨٤].
ويعقّب القرآن على قصة ثمود بالترهيب من جزاء من يفعل السيئات مثلهم، وبالترغيب في ثواب من آمن واتقى من قوم صالح. قال تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [النمل: ٥١ - ٥٣].
٥ - الحجة والإقناع، وذلك بإيراد القصة المناسبة للموقف بما تتضمنه من حوار تبرز فيه دعاوى المخالفين القدامى ضد أنبيائهم، ثم تأتي ردود الأنبياء الإقناعية وكأنها ردود من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - على قومه، أو ردود من كل داعية إلى الإسلام على مخالفيه في كل زمان ومكان، من ذلك مثلا الحوار الذي جرى بين نوح وقومه. قال تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١)} [هود: ٣١].
٦ - إظهار قدرة الله المطلقة، وذلك في باب الخلق من عدم كقصة خلق آدم، أو الخلق من أم بلا أب كقصة مريم وابنها المسيح عيسى، أو إثبات القدرة على إحياء الموتى كقصة إبراهيم مع الطير، أو البعث والنشور كقصة الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه.
[الوجه الحادي عشر: القصص الذي انفرد به القرآن.]
يعد هذا الدليل من أبرز أدلة (نقد النص) وأهمها في بيان تهافت دعوى تكرار القرآن لقصص التوراة والإنجيل، بسبب كون المصدر المزعوم الإفادة منه يفتقد مادة المرويات القصصية ويجهل كل شيء عنها، وذلك في حالة القصص الكاملة التي انفرد بها القرآن، ويزيد الأمر قوة في الإثبات والإفحام عندما تتعلق المرويات ببعض التفاصيل الدقيقة التي أتى بها القرآن في القصص المتناظرة مما لم تذكره كتب العهدين.