[الوجه الثاني: للشيطان خصائص وطبائع ينفرد بها عن باقي المخلوقات، فلا يقاس الشيطان بالإنسان.]
الجن عالم مستقل غير عالم الإنسان وعالم الملائكة، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها: أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان، وسُمُّوا جنًا لاجتنانهم أي: استتارهم عن العيون، وجاء في محكم التنزيل:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}(الأعراف: ٢٧). وأخبرنا الله عز وجل الجن خُلقوا من النار في قوله:{وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(الحجر: ٢٧).
وفي الحديث عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خُلِقَتِ الملائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ"(١).
ولا شك أن خلْق الجن متقدم على خلْق الإنسان لقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧)} (الحجر ٢٧: ٢٦).
ونحن لا نعرف مِنْ خلقتهم وصورهم وحواسهم إلا ما عرفنا الله تعالى منها، فنعلم أن لهم قلوبًا {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف: ١٧٩).
فقد صرح -تبارك وتعالى- بأن للجن قلوبًا وأعينًا وآذانًا، وله أيضًا صوت لقوله تعالى {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}(الإسراء: ٦٤).
ومن خصائص الشيطان أنه قبيح الصورة، وقد شبَّه الله ثمار شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم برؤوس الشياطين؛ لما عُلم من قبيح صورهم وأشكالهم: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ