النبي - صلى الله عليه وسلم -، كتب إلى مجوس هجر:"إما أن تذروا الربا أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله".
كما يمنع أهل الذمة من بيع الخمور والخنازير في أمصار المسلمين، وفتح الخانات فيها لشرب الخمر، وتسهيل تداولها، أو إدخالها إلى أمصار المسلمين على وجه الشهرة والظهور، ولو كان ذلك لاستمتاعهم الخاص سدًّا لذريعة الفساد، وإغلاقًا لباب الفتنة.
وفيما عدا هذه الأمور المحدودة، يتمتع الذميون بتمام حريتهم في مباشرة التجارات، والصناعات، والحرف المختلفة. وهذا ما جرى عليه الأمر، ونطق به تاريخ المسلمين في شتى الأزمان، وكادت بعض المهن تكون مقصورة عليهم كالصيرفة والصيدلة وغيرها، واستمر ذلك إلى وقت قريب في كثير من بلاد الإسلام، وقد جمعوا من وراء ذلك ثروات طائلة معفاة من الزكاة، ومن كل ضريبة إلا الجزية، وهي ضريبة على الأشخاص القادرين على حمل السلاح كما سيأتي، وهي مقدار جد زهيد.
قال آدم ميتز: ولم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أي باب من أبواب الأعمال، وكانت قدمهم راسخة في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة، فكانوا صيارفة، وتجارًا، وأصحاب ضياع، وأطباء؛ بل إن أهل الذمة نظموا أنفسهم بحيث كان معظم الصيارفة الجهابذة في الشام مثلًا يهودًا، على حين كان أكثر الأطباء والكتبة نصارى، وكان رئيس النصارى ببغداد هو طبيب الخليفة، وكان رؤساء اليهود وجهابذتهم عنده) (١).
[ضمان العقيدة]
أما الشريعة الإسلامية فهي شريعة الله وقانون السماء، الذي لا تبديل لكلماته، ولا جور في أحكامه، ولا يتم الإيمان إلا بطاعته، والرضا به. قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(الأحزاب: ٣٦).
ولهذا يحرص كل مسلم يتمسك بدينه على تنفيذ أحكام هذه الشريعة ووصاياها؛ ليرضي ربه
(١) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري للأستاذ آدم ميتز أستاذ اللغات الشرقية بجامعة بازل بسويسرا. ترجمة الأستاذ محمد عبد الهادي أبو ريدة ١/ ٨٦.