وقد كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يخصص للنساء أيامًا يجتمعن فيها، ويعلمهن مما علمه اللَّه، إضافة إلى الأيام التي يحضرن فيها مع الرجال، ليتزودن من العلم ما يخصهن ويتعلق بشؤونهن مما ينفردن به عن الرجال بمقتضى تكوينهن الجسدي والنفسي.
إن أول ما بدئ به من الوحي قول اللَّه لرسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} (العلق: ١ - ٥)، ولقد بدأ الوحي بالأمر بالقراءة؛ لأنها أهم وسائل تثبيت المعرفة ومتابعة حلقاتها، والقراءة إنما تكون بعد الكتابة، ومن أجل ذلك أظهر اللَّه منته على عباده إذ علم بالقلم، فعلم الإنسان -كل الإنسان بشطريه الذكر والأنثى- ما لم يعلم.
وهذه الدعوة التي دعا اللَّه بها الإنسان إلى العلم منذ اللحظات الأولى التي بدأ بها إنزال تعاليم الإسلام أكبر برهان يدل على التسوية التامة بين شطري الإنسان الذكر والأنثى في ميدان دعوتهما إلى العلم والمعرفة.
الوجه الرابع: أن الإسلام حثَّ على طلب العلم وما فرق في ذلك بين رجل وامرأة.
قال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}(المجادلة: ١١)، وقال سبحانه:{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}(الزمر: ٩)، وقال عزَّ وجلَّ:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(طه: ١١٤)، وقال تعالى:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(سورة البقرة: ٢٦٩)، وقال سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} (آل عمران: ١٨)، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين".
وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نضر اللَّه امرأ سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما سمعها".