للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإن غِبَّ البغي والغي وخيمٌ، إن هؤلاء جموا فأشروا، وأمنوني فاجترؤوا علي، وأيم الله لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم، وقال: ما أنا بشيءٍ إن لم أمنع باحة الكوفة من حجر، وأدعه نكالًا لمن بعده، ويل أمك يا حجر! سقط العشاء بك على سرحان، ثم قال:

أبلغ نصيحة أن راعي إبلها ... سقط العشاء به على سرحان (١)

[دعوة ذهاب لحجر، ورفض أصحابه أن يذهب ثم القبض عليه، وما جرى في ذلك من سفك للدماء]

ثم قال لشداد بن الهيثم الهلالي أمير الشرط: اذهب فائتني بحجر، فذهب إليه فدعاه، فقال أصحابه: لا يأتيه، ولا كرامة. قال: فرجعت إليه فأخبرته، فأمر صاحب الشرطة أن يبعث معي رجالًا قال: فبعث نفرًا، قال: فأتيناه، فقلنا: أجب الأمير، قال: فسبُّونا، وشتمونا، فرجعنا إليه، فأخبرناه الخبر، قال: فوثب زيادٌ بأشراف أهل الكوفة، فقال: يا


(١) ما بين القوسين زيادة من تاريخ الطبري. ثم ذكر الطبري سببا آخر لقتل حجر واختلافه مع زياد فقال: وأما غير عوانة فإنه قال في سبب أمر حجر ما حدثني علي بن حسن، قال: حدثنا مسلم الجرمي، قال: حدثنا مخلد بن الحسن، عن هشام، عن محمد بن سيرين، قال: خطب زياد يومًا في الجمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة، فقال له حجر بن عدي: الصلاةَ فمضى في خطبته، ثم قال: الصلاة، فمضى -في خطبته، فلما خشي- حجرٌ فوت الصلاة ضرب بيده إلى كفٍّ من الحصا، وثار إلى الصلاة وثار الناس معه، فلما رأى ذلك زيادٌ نزل فصلى بالناس، فلما فرغ من صلاته كتب إلى معاوية في أمره، وكثر عليه فكتب إليه معاوية أن شده في الحديد ثم احمله إلي، فلما أن جاء كتاب معاوية أراد قوم حجرٍ أن يمنعوه، فقال: لا ولكن سمعٌ وطاعةٌ، فشُدَّ في الحديد، ثم حُمِلَ إلى معاويةَ، فلما دخل عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له معاوية: أمير المؤمنين! أما والله لا أقيلك ولا أستقيلك، أخرجوه فاضربوا عنقه، فأخرج من عنده، فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين، فقالوا: صلِّ، فصلى ركعتين خفف فيهما، ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أنا عليه لأحببت أن تكونا أطول مما كانتا، ولئن أيكن فيما مضى من الصلاة خير فما في هاتين خيرٌ، ثم قال لن حضره من أهله: لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دمًا؛ فإني ألاقي معاوية غدًا على الجادة، ثم قُدِّمَ فضُرِبَتْ عنقه.
قال مخلد: قال هشام: كان محمد إذا سُئِلَ عن الشهيد يُغَسَّلُ؟ حدثهم حديث حجر.
قال محمد: فلَقِيَتْ عائشةُ أم المؤمنين معاوية -قال مخلد: أظنه بمكة- فقالت: يا معاويةُ، أين كان حلمُك عن حجر؟ فقال لها: يا أم المؤمنين، لم يحضرني رشيد. قال ابن سيرين: فبلغنا أنه لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالصوت ويقول: يومي منك يا حجر يوم طويل. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>