للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما يحب، وقد نصح، وأنا قابل نصيحته (١).

ثم خرج من عنده، فكان يتقيه ويهابه، وكان زياد يدنيه ويكرمه ويفضله، والشيعة تختلف إلى حجر وتسمع منه زياد ينذره قبل خروجه إلى البصرة، وكان زياد يشتو بالبصرة، ويصيف بالكوفة، ويستخلف على البصرة سمرة بن جندب، وعلى الكوفة عمرو بن حريث، فقال له عمارة بن عقبة: إن الشيعة تختلف إلى حجر، وتسمع منه، ولا أراه عند خروجك إلا ثائرًا، فدعاه زياد فحذره ووعظه (٢)، وخرج إلى البصرة، واستعمل عمرو بن حريث، فجعلت الشيعة تختلف إلى حجر، ويجيء حتى يجلس في المسجد فتجتمع إليه الشيعة، حتى يأخذوا ثلث المسجد أو نصفه، وتطيف بهم النظارة، ثم يمتلىء المسجد، ثم كثروا، وكثر لغطهم، وارتفعت أصواتهم بذم معاوية وشتمه ونقص زياد (٣). وبلغ ذلك عمرو بن حريث، فصعِد المنبر، واجتمع إليه أشراف أهل المصر فحثهم على الطاعة، والجماعة، وحذرهم الخلاف، فوثب إليه عنق من أصحاب حجر يكبرون، ويشتمون، حتى دنوا منه، فحصبوه وشتموه حتى نزل، ودخل القصر، وأغلق عليه بابه وكتب إلى زيادٍ بالخبر، فلما أتاه أنشد يتمثل بقول كعب بن مالك:

فلما غدوا بالعرض قال سراتنا ... علام إذا لم نمنع العرض نزرع

ما أنا بشيء إن لم أمنع الكوفة من حجر، وأدعه نكالًا لمن بعده، ويل أمك حجر! لقد سقط بك العشاء على سرحان.

ثم أقبل حتى أتى الكوفة، فدخل القصر، ثم خرج وعليه قباء سندس، ومطرف خز أخضر، وحجر جالس في المسجد، وحوله أصحابه ما كانوا.


(١) لماذا قال له حجر هذه الإجابة مع أنه صرح له ببغض علي هل كان حجر في هذه اللحظة فقط على اعتقاد الشيعة في التقية.
(٢) وهذا من زياد شيء حسن يحسب له في هذه الرواية.
(٣) وهذا بدوره تفريق للكلمة ودعوة للخروج على حاكم المسلمين فلماذا يقوم حجر بهذا الدور؟ هل هو أعلم بما يصلح الأمر من الحسين بن علي -رضي الله عنهما- وقد أثنى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الصلح الذي قام به.

<<  <  ج: ص:  >  >>