للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجعلها الإمام مخصوصة برعي بهائم الصدقة مثلًا (١).

والجواب عليه من هذه الوجوه

[الوجه الأول: أن عثمان - رضي الله عنه - ليس أول من حمى الحمى]

فإن عمر - رضي الله عنه - قد حمى قبله، عن ابن عمر (أن عمر حمى الربذة لنعم الصدقة) (٢)؛ عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم فقالوا: ادع بالمصحف فدعا به فقالوا: افتح السابعة. وكانوا يسمون سورة يونس السابعة فقرأ حتى أتى هذه الآية: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (يونس: ٥٩).

فقالوا له: قف؛ أرأيت ما حميت من الحمى؟ الله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال: امضه نزلت في كذا وكذا فأما الحمى فإن عمر حماه قبلي لإبل الصدقة فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة امضه (٣).

[الوجه الثاني: عثمان ما حماه لنفسه وإنما لإبل الصدقة]

ويظهر ذلك من قوله (فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة).

قال ابن العربي: وأما أمر الحِمَى، فكان قديمًا، فيقال أن عثمان زاد فيه لما زادت الرعية، واجتاز أصله للحاجة إليه جازت الزيادة؟ لزيادة الحاجة (٤).

الوجه الثالث: إن عثمان - رضي الله عنه - زاد في الحمى لأن الخير زاد وزادت إبل الصدقة في عهده - رضي الله عنه -.

خامسًا: جمعه القرآن الكريم.

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: عثمان ليس أول من جمع القرآن وإنما جمعه أبو بكر بمشورة عمر.]

فعن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: إِنَّ عُمَرَ أتاني، فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وإني أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالمُوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِير مِنَ الْقُرْآنِ وإني أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ.


(١) فتح الباري لابن حجر (٥/ ٥٤).
(٢) صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥/ ٦)، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (٥/ ٥٥).
(٣) تاريخ الطبري (٢/ ٦٥٥).
(٤) العواصم من القواصم (صـ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>