للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالا: لبث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشر سنين. (١)

فنزل القرآن على هذه الحال لحكم كثيرة من الله العليم الحكيم الخبير، كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: ٣٢] ومن تيسير حفظه في الصدور وفهمه ومسايرة الحوادث والتدرج في التشريع. (٢)

فكتابة القرآن والحالة هذه في موضع واحد إن لم تكن مستحيلة فهي متعذرة في كتاب ينزل في سنين طويلة وانظر الوجه التالي.

[الوجه الرابع: عدم استقرار ترتيب الآيات والسور في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -.]

إن من أسباب عدم جمع القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ترتيب الآيات والسور لم يكن قد استقرَّ، ولم يكن على حسب النزول فهناك من الآيات والسور الكثيرة التي هي من أواخر ما نزل، بينما ترتيبها في القرآن العظيم في أوائل السور الكريمة. كما في سورة البقرة، وسورة آل عمران. (٣)

بل إن القرآن ما كان ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا الترتيب الذي في المصحف فعلى هذا فإن كثيرًا من السور التي هي من أواخر ما نزل في المدينة تكون في المصحف قبل التي نزلت أول البعثة بمكة.

بل إنه من المعلوم أن الآية الناسخة تنزل متأخرة عن الآية المنسوخة فتنسخها إما حكمًا، وإما تلاوةً، وإما حكمًا وتلاوة معا، على الرغم من ذلك فإن الناسخة قد تتقدم في ترتيب المصحف على المنسوخة.

يقول الشيخ محمد أبو شهبة: وذلك مثل آية الاعتداد بأربعة أشهر وعشرًا، فإنها ناسخة لآية الاعتداد بحول، مع أن الأولى مكتوبة في المصاحف قبلها وهي متأخرة في


(١) البخاري (٤٤٦٤).
(٢) انظر مقدمة جمع القرآن حول الحكمة من نزول القرآن منجمًا.
(٣) انظر التبيان في علوم القرآن للصابوني (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>