١ - شبهة: حول قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
[نص الشبهة]
قول المسلمين: إن القرآن هو كلام الله نزله على محمد، فهل يقول الله: إياك نعبد وإياك نستعين، وهل يطلب الله من نفسه ولنفسه أن يهتدي الصراط المستقيم، ولمن يوجه الله هذا الدعاء؟
ألا يعني هذا أن الفاتحة هي كلام محمد ودعاؤه إلى الله طالبًا الهداية؟ ألم يكن من الأفضل أن يقول: بك نستعين بدلًا من: إياك نستعين؟ .
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول: فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
الوجه الثاني: كلام المفسرين عن هذا الالتفات بلاغةً، ومعنًى، وأسرارًا.
إن من أكثر الأمور المعينة على فهم كتاب الله هو تعلم علم البلاغة، الذي به يطلع القارئ على كثير من الإعجاز اللغوي الموجود في كلام رب العالمين، الذي لا يشبهه كلام أبدًا, ولا حتى كلام نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وإذا عرف هذا فإن لكل فنٍّ أهلٌ، وفن البلاغة له جهابذة يؤخذ منهم، فلا عقل لمن يتكلم في شيء لا يحسنه؛ لذا قال رب العالمين:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، وامتثالًا لأمر ربنا نرجع إلى أصحاب هذا الباب فنجد أن ما لم يفهمه المعترض هو نوع من أنواع البلاغة يقال له: الالتفات، فنحن ننقل بعض ما عندهم في هذا، وإلا فالأمر طويل، والمقام عن جمعه قصير وإليك البيان:
قال ابن الأثير: وهذا النوع وما يليه خلاصة علم البيان التي حولها يدندن، وإليها تستند البلاغة، وعنها يعنعن، وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله، فهو يقبل بوجهه تارة كذا وتارة كذا، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة؛ لأنه ينتقل