للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُنْتُ نَهَيْتكُمْ عَنْ زِيَارةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا". (١)

ومعرفة الناسخ والمنسوخ يتبين لنا أنه لا يوجد تعارض.

والنسخ واقع في جميع الشرائع السماوية، (٢) ومن حكمته أخذ الناس بسنة التدرج في التشريع، فيشرع لهم ما يصلحهم في وقت، ثم يشرع لهم ما يصلحهم في الآخر.

[الطريقة الثالثة: الترجيع بين الدليلين.]

وهو: بيان أن أحد المتعارضين أقوى من الآخر بدليل؛ ليعمل به. (٣)

قال الشافعي: ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بمعنى سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما سوى الحديثين المختلفين، أو أشبه بالقياس، فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه. (٤)

قال الشوكاني في مبحث وجوه الترجيح بين المتعارضين:


(١) رواه مسلم (٩٧٧) من حديث ابن بريدة.
(٢) فمن ذلك أن التوراة (العهد القديم المعترف به عند النصارى) أحلت الطلاق، جاء في سفر التثنية (٢٤: ١ - ٢): إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر.
بينما العهد الجديد:
١ - حرم الطلاق إلا للزنا.
٢ - حرم على المطلقة أن تتزوج برجل آخر فذلك بمنزلة الزنا.
جاء في إنجيل متى (٥: ٣١ - ٣٢): وقيل: من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق، وأما أنا فأقول لكم: إن طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني. والأمثلة على ذلك كثيرة بين العهدين منها: نسخ حرمة السبت، وإحلال كثير من الحيوانات، ونسخ الختان ... انظر على سبيل المثال (إنجيل يوحنا ١٦: ٩)، رسالة بولس إلى أهل رومية (١٤: ١٤) وإلى تيطس (١٥: ١)، وإلى غلاطية (٥: ٢: ٦).
(٣) الإبهاج (٣/ ٢٢)، نهاية السول (٣/ ١٨٩)، الكفاية (١/ ٤٣٥)، إرشاد الفحول (٢٧).
(٤) اختلاف الحديث (١/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>