منه من المنكرات، والأحقاد ما يعجز القلم عن وصفه، وكانت أفعال يعقوب بن حنا النصراني، وفرقته النصرانية العسكرية بداية لما عرف في التاريخ المصري باسم الفتنة الطائفية، والعجيب أنه صار بعد ذلك قديسًا يقام له بأرض مصر مولدًا، واحتفالًا بذكراه في الجهاد ضد المسلمين، ولكن العجيب من ذلك موقف المؤرخين النصارى المعاصرين حيث يثنون على ما قام به هذا الخائن الصليبي، فهذا هو الكاتب الصليبي الشهير د. لويس عوض المعروف بكراهيته الشديدة للإسلام يقول: إن الدور الذي قام به المعلم يعقوب حنا مع الفرنسيين ضد العثمانيين يعتبر تعاونًا يستحق بموجبه أن يقام له تمثال من ذهب في أكبر ميادين القاهرة، ويكتب عليه أنه أول من نادى باستقلال مصر في العصر الحديث.
[٤ - وهذا دور جديد من أدوار الخيانة يبدو في هدم الخلافة العثمانية]
ونحن هنا قد وصلنا للدور الأروع، والأفظع، والجريمة الأشنع التي قام بها أهل الذمة رغم ما أحسن إليهم الإسلام في شريعته وفي تطبيق هذه الشريعة عليهم ورغم ما عاشوا وترعرعوا في هذه دولته، وهو الذي قام به اليهود والنصارى من رعايا الدولة العثمانية، حيث كانت أوروبا الصليبية في حربها ضد الدولة العثمانية حريصة على تمزيق الدولة بإثارة الفتن، وتفجير الثورات الدينية الداخلية، وكانت أدواتهم في ذلك، وسلاحهم الشرير في تنفيذ مخططهم الآثم هو (الآخر) اليهود، والنصارى، رغم ما كان يلقاه (الآخر) من عناية، ورعاية، وعطف من سلاطين الدولة العثمانية حتى إن كثيرًا من هؤلاء السلاطين قد تزوجوا من نسائهم ولربما يضطلع اليهود بالدور الأكبر في هدم الخلافة العثمانية، ولكن هذا لا يقلل دور النصارى في إثارة الفتن، والقلاقل، وكان القساوسة، ورجال الدين على صلات، وثيقة بزعماء الدول الأوروبية، وخصوصًا روسيا، وهذا يتضح من نص الوثيقة التاريخية الهامة التي أرسلها بها البطريرك (جريجوريوس) إلى قيصر روسيا يبين له فيها كيفية هدم الدولة العثمانية من الداخل، التي يركز فيها على كيفية