للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دستور الدعوة الذي شرعه الله في هذا القرآن.

إن الدعوة دعوة إلى سبيل الله. لا لشخص الداعي ولا لقومه، والدعوة بالحكمة، والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم، والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم بها، والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها. فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه.

وبالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية. فإن الرفق في الموعظة كثيرًا ما يهدي القلوب الشاردة ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ.

وبالجدل بالتي هي أحسن بلا تحامل على المخالف ولا ترذيل له وتقبيح. حتى يطمئن إلى الداعي ويشعر أن ليس الهدف هو الغلبة في الجدل، ولكن بالإقناع وإظهار الحق (١).

[الوجه الرابع: إن من يقرأ مفهوم الجهاد في الإسلام ويعرف غاياته وأهدافه يتضح له بجلاء زيف هذه الشبهة.]

لم يفرض الله الجهاد لإكراه الناس على الإسلام. فالإكراه لا يؤسس عقيدة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: ٢٥٦). لذلك فإن الإسلام لا يقهر، ولا يجبر امرءًا على دين يرفضه. وعلى هذا فالحرية مكفولة في أحكام ودستور الإسلام.

ولو صح قول بعضهم: إن الإسلام سل سيفًا وفرض نفسه على الناس جبرًا لما وجدنا شيئا اسمه: "الجزية" أو "ذميون" فالجزية لغير المسلمين الذين لم يرضوا دخول الإسلام، ولم يجبرهم الإسلام على اعتناقه، إنهم في حرية تامة، عقائدهم ومعابدهم محترمة يطبقون أحكام دينهم فيما بينهم.


(١) انظر: وسطية الإسلام وسماحته ودعوته للحوار، إعداد: د/ محمد الصالح اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>