للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث: ويجوز أن يكون التقبيل وهو صائم في وقت، والمص في وقت آخر (١).

الوجه الرابع: لم يتحقق انفصال ما على لسانها من البلل إلى فمه فأشبه ما لو ترك حصاة مبلولة في فيه أو لو تمضمض بماء ثم مجه. (٢)

[شبهة: قالوا كيف تخبر عائشة بهذا الكلام وما الفائدة منه سوى أنها كانت منشغة إلى حد كبير بالجنس؟]

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: أن الانشغال بمثل هذه الأمور لأجل تعليم الأحكام الشرعية المتعلقة به أمر مندوب إليه وقد يكون، واجبا عينيًا يحرم كتمانه إذا لم يعلمه غير هذا المسئول.

ويدل على هذا الأصل أدلة منها.

١ - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة". (٣)

٢ - قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤)} [الأحزاب: ٣٤] وعليه فعائشة - رضي الله عنها - مأمورة بأبلاغ هذا العلم وهي تنفذ فرارًا من الوعيد الوارد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (البقرة: ١٧٤).


(١) عمدة القاري (١١/ ٩).
(٢) المغني (٦/ ٩٦).
(٣) صحيح. أخرجه أبو داود (٣٦٥٨) من طريق موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، والترمذي (٢٦٤٨) من طريق أحمد بن بديل بن قريش اليامي الكوفي، حدثنا عبد الله بن نمير، عن عمارة بن زاذان كلاهما [حماد، وعمارة بن زاذان] عن علي بن الحكم، عن عطاء، عن أبي هريرة به وقال الترمذي: حديث حسن، وقال الألباني: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>