ولقد حرص المسلمون على هذه التحية العبادية، وعدُّوها من القربات، فعن الطفيل بن أُبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق لم يمرّ عبد الله على سقاط، ولا صاحب بيعة، ولا مسكن، ولا أحد إلا سَلّم عليه. قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يومًا فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ فقال: إنما نغدو إلى السوق من أجل السلام، نسلّم على من لقيناه.
رد السلام: إذا كان السلام أمرًا محببًا فإن الجواب عليه واجب يصل إلى مرتبة الفريضة، ويكون رد التحية بأحسن منها عملًا بقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (٨٦)} (النساء: ٨٦)، فإذا قال لك أحدهم: السلام عليكم. فقل: وعليكم السلام ورحمة الله. فإن قال لك أحدهم: السلام عليكم ورحمه الله. فقل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبهذا يكون رد التحية بأفضل منه، أما ردها فيكون بالتماثل دون زيادة ولا يجوز اتهام الشخص الذي يلقي السلام بعدم الإيمان، فقد قال تعالى في هذا الصدد: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٩٤)} (النساء: ٩٤).
نصل بهذا إلى القول بأن السلام مفردة رئيسة من مفردات الإسلام، وقاعدة أصيلة من قواعده، سلوكًا وتربية وعبادة، ولهذا وجدنا كثيرًا من المسلمين الذكور يتسمون بعبد السلام، وكثيرًا من النساء يحملن اسم سلام تيمنًا بهذا الشعار الإسلامي الخالد.
[الإسلام تاريخ سلام]
في مناهجنا التعليمية كثير من التجني على تاريخنا الإسلامي، وبخاصة كتب التربية الدينية والتاريخ، فقد صممت هذه المناهج في عهد الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي لتخدم أهداف الغرب التوسعية وتهمه الباطلة ضد الإسلام والمسلمين، وذلك حين جعلت من