للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معنى الزنا أو مباشرة دون الفرج مثلًا أو غير ذلك، وفيه مشروعية الإقرار بفعل الفاحشة عند الإمام، وفي المسجد والتصريح فيه بما يستحيى من التلفظ به من أنواع الرفث في القول من أجل الحاجة الملجئة لذلك. (١)

وهذا يدل أن الحدود لا تقام إلا بالإفصاح دون الكنايات، ألا ترى لو أن الشهود شهدوا على رجل بالزنا، ولم يقولوا رأيناه أولج فيها كان حكمهم حكم من قذف لا حكم من شهد، رفقًا من الله بعباده وسترًا عليهم ليتوبوا. (٢)

وقال النووي: وقد يستعملون صريح الاسم لمصلحة راجحة وهي إزالة اللبس، أو الاشتراك أو نفي المجاز، أو نحو ذلك كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنكتها" وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أدبر الشيطان وله ضراط". وكقول أبى هريرة - رضي الله عنه -: الحدث فساء أو ضراط. ونظائر ذلك كثيرة اهـ. (٣)

الوجه الثالث [*]: عدم تلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة إلا في هذه المرة.

مما يؤكد ما قلناه من الحياء وعدم الفحش، أن هذه الكلمة لم تصدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذه المرة في هذا الموقف، ولذلك لما جاءت المرأة؛ وكانت حاملًا، وتبيّن زناها بالحمل لم يتكلم معها في هذا الأمر بقليل ولا كثير؛ لأن الأمر ظهر والمرأة حامل، ثم هي معترفة؛ سوى أنه أمرها بالرجوع حتى تضع ما في بطنها، وفي رواية أنه أمرها بإرضاعه، وهذا يؤكد الحافظة على الدماء أيضًا؛ لأنه لو رجمها وهي حامل لمات ما في بطنها من غير ذنب، فأين هذه الرحمة بالجنين وأمه من هؤلاء الذين يقولون بتوفير الجنس الآمن للفتاة عن طريق توفير موانع الحمل وسهولة الإجهاض الذي يعني قتل الأجنة التي لا ذنب لها؟ ! .

الوجه الرابع: محاولة النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع الحد عن الرجل كما جاء في ألفاظ الحديث.


(١) فتح الباري ١٢/ ١٢٤.
(٢) شرح ابن بطال ١٥/ ٤٨٠، وعمدة القاري ٢٤/ ٢٤٠.
(٣) شرح مسلم ١/ ٢٣٨.

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، والجادة «الرابع»

<<  <  ج: ص:  >  >>