للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يؤكد ما قلناه من جعل المحافظة على الدماء سببًا لهذه الكلمة في هذه الرواية على اختلاف ألفاظها كما مر تخريجها ما يلي:

١ - تلقين النبي - صلى الله عليه وسلم - له ما يبرئه حيث قال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت". قال لا يا رسول الله قال: "أنكتها؟ " - لا يكني - قال: فعند ذلك أمر برجمه، وهذا واضح في أنه لم يقل هذه الكلمة إلا بعد أن نفى الرجل كل الوسائل المحتملة لبراءته ولم يأمر برجمه حتى صرح بها، ولم يكني حتى لا يكون في الأمر بعد ذلك شبهة، ويؤخذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هل أحصنت؟ وجوب الاستفسار عن الحال التي تختلف الأحكام باختلافها). (١)

وقال ابن القيم: يستحب للإمام أن يعرض للمقر بأن لا يقر، وأنه يجب استفسار المقر في محل الإجمال لأن اليد، والفم، والعين لما كان استمتاعها زنى، استفسر عنه دفعا لاحتماله، وأن الإمام له أن يصرح باسم الوطء الخاص به عند الحاجة إليه كالسؤال عن الفعل. (٢)

وقال الشنقيطي: اعلم أن الظاهر اشتراط التصريح بموجب الحد الذي هو الزنا تصريحًا ينفي كل احتمال؛ لأن بعض الناس قد يطلق اسم الزنا على ما ليس موجبا للحد. (٣)

٢ - التثبت من سلامة عقله من الجنون والسكر: لأن المجنون لا يقام عليه الحد والسكران لا يؤاخذ باعترافه، وفيه أن إقرار السكران لا أثر له يؤخذ من قوله: استنكهوه. (٤)

وقال ابن القيم: وأن إقرار زائل العقل بجنون، أو سكر ملغي لا عبرة به. (٥)

٣ - الإعراض عنه عدة مرات: والرجل مصر على الاعتراف، وقد وقع في حديث نعيم بن هزال "هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه"، وعند أبي داود من حديث بريدة قال: كنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نتحدث أن ماعزا والغامدية لو رجعا لم يطلبهما. (٦)


(١) فتح الباري ١٢/ ١٢٤.
(٢) زاد المعاد ٥/ ٢٦.
(٣) أضواء البيان سورة النور.
(٤) فتح الباري ١٢/ ١٢٦.
(٥) زاد المعاد ٥/ ٢٦.
(٦) فتح الباري ١٢/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>