للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزية مورد ماليّ من موارد الدّولة الإسلاميّة تنفق منه على المصالح العامّة والحاجات الأساسيّة للمجتمع: كالدّفاع عن البلاد، وتوفير الأمن في المجتمع، وتحقيق التّكافل الاجتماعيّ، والمرافق العامّة: كبناء المدارس، والمساجد، والجسور، والطّرق، وغير ذلك.

قال ابن العربيّ في بيان الحكمة من مشروعيّة الجزية: في أخذها معونة للمسلمين ورزق حلال ساقه اللَّه إليهم. (١) ولا شيء في ذلك، فقد فرض اللَّه على المسلمين الزكاة وليس على أهل الذمة زكاة.

[الوجه الرابع: ترفع الإسلام عن سقطات السابقين عليه في مسألة الجزية.]

حيث جعلها ضمن عقد ترعاه الشريعة الإسلامية. فالإسلام كعادته لا يتوقف عند ممارسات البشر السابقة عليه، بل يترفع عن زللهم، ويضفي خصائصه الحضارية، فقد ارتفع الإسلام بالجزية ليجعلها، لا إتاوة يدفعها المغلوبون لغالبهم، بل لتكون عقدًا مبرمًا بين الأمة المسلمة، والشعوب التي دخلت في رعايتها. عقد بين طرفين، ترعاه أوامر اللَّه بالوفاء بالعهود، واحترام العقود، ويوثقه وعيد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن أخل به، وتجلى ذلك بظهور مصطلح أهل الذمة، الذمة التي يحرم نقضها، ويجب الوفاء بها، ورعايتها بأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذا يبين أن القصد منها ليس مجرد الإذلال، والصغار، وإنما يقع الصغار مصاحبًا لها إذا أقروا بها مع رفضهم للإسلام.

الوجه الخامس: أمر اللَّه بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم

كما نصت الآية على ذلك {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)}.


(١) أحكام القرآن لابن العربي الآية الثالثة عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>