للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - شبهة: الأقوال المختلفة في القصة الواحدة.]

[نص الشبهة]

قالوا: في نفس القصة الوحدة نجد اختلافًا في نصوصهما: ففي سورة طه: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠)} [طه: ٩، ١٠].

وفي سورة النمل: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) وفي سورة القصص: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩)} من هنا نجد أن أقوال موسى لأهله مختلفة عن بعضها البعض تمامًا. في نفس الموقف الواحد الغير متكرر.

فهل قال موسى لأهله: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}؟ أم قال لهم: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: ١٠]؟ أم قال لهم: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [القصص: ٢٩].

والرد على ذلك من وجوه:

[الوجه الأول]

حكى الله عن موسى هذا المعنى بزيادة ونقصان في الألفاظ المنسوبة إليهم، وهذه الواقعة ما وقعت إلا مرة واحدة؛ لأن الله حكى ذلك عنهم باللغة العربية فمرة حكاه مطابقًا للفظهم في الترجمة رعاية للفظ، وبعد ذلك حكاه بالمعنى جريًا على عادة العرب التفنن في الكلام والمخالفة بين أساليبه لئلا يمل إذا تمحض تكراره (١).


(١) تفسير الرازي (١٥٤)، وأصل هذا الكلام ذكره الرازي تحت قصة سيدنا موسى في سورة الأعراف، وعزا الكلام في سورة طه إلى سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>