للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى البصرة من أجل الإصلاح بين الناس حين اضطرب أمرهم بعد مقتل عثمان -رضي اللَّه عنه- وليس من أجل المطالبة بدم عثمان، ودليل ذلك حديث الحوأب -هو موضع قريب من البصرة، وهو من مياه العرب في الجاهلية ويقع على طريق القادم من مكة إلى البصرة، وسمي بالحوأب نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية (١)، ففي أثناء الطريق إلى البصرة مر الجيش على منطقة يقال لها الحوأب، فنبحت كلابها فلما سمعت عائشة هذا النباح، طرأ عليها حديث، فقالت: ما هذه المنطقة؟ قالوا: هذه الحوأب، فتذكرت حديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث روى أحمد، وابن حبان، والحاكم عن قيس بن حازم: أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب. فقال لها الزبير: ترجعين؟ ! -أي لا ترجعي لأنهم يحترمونك- عسى اللَّه أن يصلح بك بين الناس، هذا لفظ شعبة.

أما لفظ يحيى فقال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلًا، فنبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح اللَّه ذات بينهم. قالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. (٢)

وقد أشكل حديث الحوأب على بعض الناس فردوه -منهم الإمام ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم (٣)، وتابعه الشيخ محب الدين الخطيب في حاشيته على هذا الكتاب القيم (٤) -، وهو حديث صحيح، ولسان حالهم يقول: كان على عائشة -رضي اللَّه عنها- لما علمت بالحوأب أن ترجع، والحديث يدل على أنها لم ترجع وهذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين.

وقد أجاب الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- على هذا الإشكال فقال:


(١) انظر: معجم البلدان (٢/ ٣١٤).
(٢) السلسلة الصحيحة (٤٧٤).
(٣) العواصم من القواصم (١٦٢).
(٤) المصدر السابق (١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>