للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلِعَانٍ) أَوْ كُنَّ (مِنْ زِنًا) لِدُخُولهِنَّ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ، . . .، وَيَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهَا بِنْتُهَا وَنَحْوُهَا ظَاهِرًا، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ لِغَيْرِهِ. . . اهـ (١)

٢ - وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بشرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ". فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه: إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؛ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّه مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَ هِلَالٌ، فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّه يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ"؟ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِى سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابغَ الأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْن، فَهْوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ". فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّه لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ". (٢)

والشاهد من الحديث قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "فَهْوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ" يعني الزاني لأنها مخلوقة من مائه، وهذه حقيقة لا تختلف بالحِلِّ والحرمة، فأشبهت المخلوقة من وطء بشبهة. (٣)

وَلأَنَّهَا بِضْعَةٌ مِنْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ لَهُ، كَبِنْتِهِ مِنْ النِّكَاحِ، وَتَخَلُّفُ بَعْضِ الْأَحْكَامِ لَا يَنْفِي كَوْنَهَا بِنْتًا، كَمَا لَوْ تَخَلَّفَ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ.


(١) شرح منتهى الإرادات (٥/ ١٥٥).
(٢) البخاري (٤٧٤٧).
(٣) المغني (٧/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>