للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضي به القرآن الكريم دستور العدالة الإلهية في قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}، وقوله تعال: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

والمبدأ العام المُعترف به في الديانات جميعًا وفي القوانين الوضعية وعرف جميع الناس أنه لا يُورَّث عن الاباء والأجداد سوى ثرواتهم، أما جرائمهم فلا تُورَّث عنهم ولا تواخَذ بها ذرياتهم، ويعلل النصارى لتلك الفكرة المزعومة من أن ذرية آدم لزمهم العقاب بسبب خطيئة أبيهم آدم (١).

يؤكد المسلمون أن صلب المسيح البريء نيابة عن المذنب آدم وأبناءه حاملي الإثم ووارثيه نوع من الظلم الذي لا تقره الشرائع باختلاف أنواعها، فإن كان آدم قد تاب من فعلته وتاب الله عليه، فقد انقطعت عنا خطيئته ولم تحط بنا معصيته، فقد تاب آدم وتاب الله عليه، فلِمَ تُحمل فوق كواهلنا خطيئته؟ (٢).

الوجه السادس: أليس الهدف من توريث الخطيئة إيجادَ مبرر لصلب المسيح وذبحه؟

إن الإسلام يستهجن مبدأ الخطيئة الأصلية وينظر إلى الأولاد على أنهم أبرار وأطهار منذ ولادتهم. وبشأن الخطيئة فالإسلام يقرر بأنها لا تورث. ولكنها شيء ما يكتسبه الإنسان بنفسه بعمل ما لا ينبغي أن يعمله ولا يعمل ما ينبغي أن يعمله.

ومن المنطق أن يعتبر الإسلام مبدأ الخطيئة الأصلية ذروة في الظلم لإدانة كافة الجنس البشري لخطيئة اقترفت منذ آلاف السنين مضت بواسطة أبوينا الأولين، إن الخطيئة الأصلية التي تنادي بها المسيحية هي انتهاك عنيد لناموس الله أو لقانون الصواب والخطأ، ذلك لأن المسئولية والملامة باقتراف الخطيئة الأصلية ينبغي أن تقع فقط على الإنسان الذي اقترفها وليس على أولادهم (٣).

الخطيئة كما يعتقدون بدأت بآدم، وأن آدم في خطيئته كان نائبًا عن كل نسله في الخطيئة،


(١) هل افتدانا المسيح على الصلب؟ لمنقذ سقار (١٦٧).
(٢) الميزان في مقارنة الأديان (١٥٥).
(٣) الغفران بين المسيحية والإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>