الثاني: قال ابن تيمية: الهرمزان لم يكن له أولياء يطلبون دمه وإنما وليه ولي الأمر ومثل هذا إذا قتله قاتل كان للإمام قتل قاتله لأنه وليه وكان له العفو عنه إلى الدية لئلا تضيع حقوق المسلمين، فإذا قدر أن عثمان - رضي الله عنه - عفا عنه ورأى قدر الدية أن يعطيها لآل عمر لما كان على عمر من الديْن فإنه كان عليه ثمانون ألفًا وأمر أهله أن يقضوا دينه من أموال عصبته عاقلته بني عدي وقريش فإن عاقلة الرجل هم الذين يحملون كله والدية لو طالب بها عبيد الله أو عصبة عبيد الله إذا كان قتله خطأ أو عفا عنه إلى الدية فهم الذين يؤدون دين عمر فإذا أعان بها في دين عمر كان هذا من محاسن عثمان التي يمدح بها ولا يذم وقد كانت أموال بيت المال في زمن عثمان كثيرة، وكان يعطى الناس عطاءً كثيرًا أضعاف هذا، فكيف لا يعطى هذا لآل عمر (١).
تاسعًا: قالوا إن عثمان رد الحَكَم وابنه مروان إلى المدينة بعد أن طردهما النبي- صلى الله عليه وسلم-.
والجواب عليه من هذه الوجوه:
الأول: إن كثيرًا من أهل العلم طعن في صحة نفي الني - صلى الله عليه وسلم - للحكم، وقالوا ذهب باختياره، وليس لقصة نفيه سند يعرف.
الثاني: أنه إن كان قد طرد النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكم فلا يكون ذلك من المدينة كما قال الرافضي (ابن المطهر)، بل يكون من مكة، لأن الطلقاء لم تسكن بالمدينة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة، وليس أحد من الطلقاء الذين منهم الحكَم هاجر إلى المدينة.
الثالث: أن مروان كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - طفلًا صغيرًا في أول سن التمييز، إما سبع سنين أو أكثر بقليل أو أقل بقليل، فلم يكن له ذنب يطرد بسببه.
الرابع: أنه إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عزر رجلًا بالنفي لم يلزم أن يبقى منفيًا طول الزمان فإن هذا لا يعرف في شيء من الذنوب ولم تأت الشريعة بذنب يبقى منفيًا دائمًا بل غاية النفي المقدر سنة وهو نفي الزاني والمخنث حتى يتوب من التخنيث، فإن كان تعزير الحاكم لذنب حتى يتوب منه فإذا تاب سقطت العقوبة عنه وإن كانت على ذنب ماض فهو أمر