للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} الحديث. (١)، فوقفه على قوله: {إِذَا دَعَاكُمْ} يدل على أن: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} قيد كاشف.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أُبَيُّ". وَهُوَ يُصَلِّى، فَالْتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ الله. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَعَلَيْكَ السَّلَامُ! مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ: "أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَوْحَى الله إِلَىَّ أَنِ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ". قَالَ: بَلَى وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ الله. قَالَ: "تُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا". قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله. قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ؟ ". قَالَ: فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ". (٢)

ثم ذكر ابن عاشور أمثلة أخرى في مثل هذا ثم قال: فتكون عدة قضايا متماثلة، ولا شك أن القصد منها التنبيه على هذه الخصوصية لدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٣).

[الوجه الرابع: لا يمكن حمل الحياة ها هنا على نفس الحياة]

وذلك لأمور؛ منها: أن إحياء الحي محال؛ فوجب حمله على شيء آخر وهو الفوز بالثواب، وكل ما دعا الله إليه ورغب فيه، فهو مشتمل على الثواب، فكان هذا الحكم عامًا في جميع الأوامر، وذلك يقيد المطلوب. (٤)

* * *


(١) البخاري (٤٦٤٧).
(٢) رواه الترمذي (٢٥٧٨)، وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد في المسند (٢/ ٤١٢)، والنسائي في الكبرى (١١٢٠٥)، وابن خزيمة (٨٦١).
(٣) التحرير والتنوير (٩/ ٣١٣).
(٤) تفسير الرازي (١٥/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>