حال بينكم وبين خبر السماء؟ فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له؛ فقالوا: هذا واللَّه الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)}؛ فأنزل اللَّه على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} وإنما أوحي إليه قول الجن (١).
[الوجه السابع: الشيطان له طبيعة مادية.]
فمن قال بأن الشياطين روح، والشهاب مادة، وكيف تصرع المادة الروح؟
نقول له: ورد في الكتاب المقدس أن الشيطان: يتكلم، ويعترض، ويقف، ويشم، ويسقط، ويؤسر، ويضر، ويصرع، ويقتل؛ فكل هذه أفعال لا يتصور إلا أنها تتم من خلال جسم مادي (العرض)، ولا يتم بالروح فقط (الجوهر).
فكما أنه لايستطيع الجسد أن يقوم بأعمال بدون روح فكذلك لا تستطيع الروح أن تقوم بأعمال بدون جسد، فإذا أثبتنا أن مخلوقًا ما يقوم بأعمال فلابد أن يشترط فيه الجسدية والروحية معًا، فالادعاء بأن الجن والشياطين أرواح مجردة ليس عليه دليل علمي ولا عقلي.
[١ - الشيطان يغوي، ويقف ضد شعب كامل]
ففي سفر أخبار الأيام الأول:(٢١: ١)(ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوي داود ليحصي إسرائيل).
فكيف بروح تقف ضد شعب، فإذا قلنا بأن الشيطان روح شريرة مجردة عن الجسد، فالعقل يقول: إن الإنسان له ميزة عن الشيطان، فالإنسان روح وجسد، أما الشيطان روح مجردة -على قولكم-، فكيف بالروح المجردة تغلب الروح والجسد معًا؟ هل لأن الشيطان روحه قوية بدرجة لا تُتصور؟ مع أن روح المؤمن أقوى لأنها في معية اللَّه ورعايته!
وحتى لو افترضنا أن روح الشيطان هي الأقوى؛ فلابد للشيطان من محل أو شيء يَحِل