للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى ذلك: أن الجهمية يثبتون لله ذاتًا - ولو نفوا الذات لما بقي لهم إله يعبدونه - فنقول لهم: لمَ أثبتم لله ذاتًا ووجودًا، وللمخلوق ذاتًا ووجودًا؟ قالوا: لله ذات ووجود يليق بجلاله وعظمته. وللمخلوق ذات ووجود مناسبة لعجزه وفنائه.

فنقول لهم: القول في الصفات كالقول في الذات؛ فإذا كان الله له ذات ووجود يليق بجلاله وعظمته؛ كذلك له صفات تليق بجلاله وعظمته، وللمخلوق صفات مناسبة لعجزه وفنائه.

ونرد على المعتزلة: بنفس مقولة الجهمية؛ حيث إنهم ينفون الصفات كلها، ويثبتون الذات والوجود.

ويثبتون الأسماء على أساس أنها وردت في القرآن، ولكنها لا تعبر عن صفات، ولا تتضمن صفات؛ بل هي أعلام محضة على ذات الخالق.

وهذا منهم مخالف للفطرة والعقول السليمة.

أما الأشاعرة والماترودية: فنرد عليهم بقولنا: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

بمعنى: إذا قلنا لهم: لمَ أثبتم صفة الإرادة ونفيتم صفة الغضب والفرح؟

قالوا: لله صفة إرادة تليق بجلاله وعظمته، وللمخلوق صفة إرادة مناسبة لعجزه وفنائه.

قلنا لهم: وكذلك: لله صفة غضب تليق بجلاله وعظمته، وللمخلوق صفة غضب مناسبة لعجزه وفنائه، ولا فرق بين صفة وصفة.

ثانيًا: أهل التشبيه والتمثيل:

وهم الذين أثبتوا لله الأسماء والصفات ولكن على طريقة أنها تشابه المخلوقين، فقالوا لله يد كأيدينا، وقدم كقدمنا، ووجه كوجهنا، وعين كأعيننا، وأول من تكلم بذلك هو الحكم بن هشام الرافضي. وشُبَهُهم أن الله تعبَّد الخلق بما يفهمون ويعقلون من الصفات، ولا تكون إلا بما شابه به الخلق.

ومذهبهم باطل بالشرع والعقل والحس:

<<  <  ج: ص:  >  >>