للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: إن أمي قدمت علي، وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أمِّي؟ قَال: نَعَمْ صِلي أمَّكِ (١).

قال الخطابي: فِيهِ أَنَّ الرَّحِمَ الْكَافِرَةَ تُوصَلُ مِنْ المالِ وَنَحْوِهِ كَمَا تُوصَلُ المُسْلِمَة وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ وُجُوب نَفَقَة الْأَب الْكَافِر وَالْأمّ الْكَافِرَة وَإِنْ كَانَ الْوَلَد مُسْلِمًا (٢). فالْبِرُّ وَالصِّلَة وَالْإِحْسَان لَا يَسْتَلْزِمُ التَّحَابُبَ وَالتَّوَادُدَ المُنْهِيَّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (المجادلة ٢٢) فَإِنَّهَا عَامَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَم يُقَاتِلْ (٣).

٦ - عدم ظلمهم: حذر الإسلام من ظلم أهل الكتاب في المجتمع الإسلامي، قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: ٨)، وأوجب الإسلام المحافظة على دمائهم وأعراضهم ومعابدهم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا" (٤).

[المبحث السادس: قالوا عن الإسلام.]

برناردشو: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال؛ فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا). إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأي أنّه لو تولّى أمر العالم


(١) البخاري (٢٦٢٠)، مسلم (١٠٠٣).
(٢) فتح الباري (٥/ ٢٦٣).
(٣) فتح الباري (٥/ ٢٦١).
(٤) البخاري (٣١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>