للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الرابع: قانونية (قدسية الكتاب المقدس)]

ويشتمل على خمسة مباحث:

[المبحث الأول: قانونية التوراة (قدسيتها).]

" إن كلمة: قانون، تعنى (بالإغريقية) مقياس أو معيار .. ولقد أطلق اللفظ: قانوني، أو قانونية على قائمة الكتب التي قبلتها الكنيسة بوجه عام، باعتبارها كتبت بإلهام". (١)

وإذا كانت التوراة نتاج عمل العشرات من المؤلفين الذين اجتهدوا في تسجيل تاريخ بني إسرائيل، ولم يَدُر بخلدهم أن تعتبر كتاباتهم مقدسة، إذ لو خطر على بالهم لصاغوها بطريقة أخرى، إذا كان الأمر كذلك، فمتى اكتسبت هذه النصوص قداستها؟ وهل تم ذلك لجميع أسفارها معًا أو أنه تم بالتدريج؟ .

وفي الإجابة نقول: من الطبيعي عندما نتحدث عن كتاب إلهي أنّا لا نحتاج إلى الحديث عن قانونيته، إذ هو يستمدها من مصدره الإلهي، ويكتسبها منذ اللحظات الأولى التي ينزله الله فيها إلى البشر، وهذا الأمر لم يحدث مع الأسفار التوراتية التي احتاجت إلى قرارات بشرية تقدسها، فالأسفار الخمسة أقرت في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وتحديدًا في عام ٣٩٨ ق م في عهد عزرا، حين اعترفت الإمبرطورية الفارسية بناموس اليهود حسبما جاء في دائرة المعارف الأمريكية. وكان اليهود يسمون الأسفار الخمسة لموسى بالناموس أو الشريعة أو القانون.

ويقول اسبينوزا: "يظهر بوضوح أنه لم تكن هناك مجموعة مقننة من الكتب المقدسة قبل عصر المكابيين (أي القرن الثاني قبل الميلاد)، أما الكتب المقننة الآن فقد اختارها فريسيو الهيكل الثاني بعد أن أعاد بناءه عزرا "الكاتب".

وهذا الاختيار من الفريسين في ذلك العهد لم يكن بموافقة طوائف اليهودية المختلفة، يقول اسبينوزا: "فقد اختارها الفريسيون في ذلك العهد من بين كثير غيرها، وذلك بقرار منهم وحدهم".

وقد كان مما أقره فريسيو العهد الثاني برأي اسبينوزا الأسفار الخمسة مضافًا إليها ما


(١) انظر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>