للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصتهم بقصة المستوقد. (١)

[الوجه الرابع: التوجيه البلاغي.]

والتشبيه في الآية من قبيل تشبيه المفرد بالمركب.

فالتشبيه مستدعٍ طرفين: مشبهًا ومشبهًا به، واشتراكًا بينهما من وجه وافتراقًا من آخر؛ مثل أن يشتركا في الحقيقة ويختلفا في الصفة أو بالعكس.

تفصيل الكلام في مضمونه وهو: طرفا التشبيه، ووجه التشبيه، والغرض في التشبيه، وأحوال التشبيه ككونه قريبًا أو غريبًا مقبولًا أو مردودًا.

ووجه التشبيه إما أن يكون أمرًا واحدًا، أو غير واحد؛ وغير الواحد إما أن يكون في حكم الواحد لكونه إما حقيقة ملتئمة، وإما أوصافًا مقصودًا من مجموعها على هيئة واحدة، أو لا يكون في حكم الواحد، فهذه أقسام ثلاثة.

واعلم أن التشبيه متى كان وجهه وصفًا غير حقيقي وكان منتزعًا من عدة أمور خص باسم التمثيل كالذي في قوله:

اصبر على مضض الحسود ... فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل نفسها ... إن لم تجد ما تأكله

فإن تشبيه الحسود المتروك مقاولته بالنار التي لا تُمد بالحطب فيسرع فيها الفناء - ليس إلا في أمر متوهم له، وهو ما تتوهم إذا لم تأخذ معه في المقاولة مع علمك بتطلبه إياها عسى أن يتوصل بها على نفثة مصدور من قيامه إذ ذاك مقام أن تمنعه ما يمد حياته ليسرع فيه الهلاك، وأنه كما ترى منتزع من عدة أمور، وكالذي في قوله:

وإن من أدبته في الصبا ... كالعود يُسقى الماء في غرسه

حتى تراه مورقًا ناضرًا ... بعد الذي أبصرت من يبسه

فإن تشبيه المؤدب في صباه بالعود السقي، أو أن الغرس المونق بأوراقه ونضرته ليس


(١) الكشاف للزمخشري ١/ ١٠٩، ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>