بالقدرة على خلق الأجسام والتصرف في هذا العالم فهذا أيضًا باطل لأن النصارى حكوا عنه الضعف والعجز وأن اليهود قتلوه ولو كان قادرًا على خلق الأجسام لما قدروا على قتله بل كان هو يقتلهم ويخلق لنفسه عسكرًا يذبون عنه.
وأما الاحتمال الرابع: وهو أنه اتخذه ابنًا لنفسه على سبيل التشريف فهذا قد قال به قوم من النصارى يقال لهم الأرميوسية وليس فيه كثير خطأ إلا في اللفظ فهذا جملة الكلام على النصارى وبه ثبت صدق ما حكاه الله تعالى عنه أنه قال: إني عبد الله. الصفة الثانية: قوله تعالى: {آتَانِيَ الْكِتَابَ}.
الدليل العاشر: إثبات بنوة عيسى لمريم رضي الله عنها.
قال تعالى: {إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥)} (آل عمران: ٤٥). يخبر تعالى أن الملائكة بشرت مريم عليها السلام بأعظم بشارة، وهو كلمة الله -عبده ورسوله- عيسى ابن مريم، سمي كلمة الله لأنه كان بالكلمة من الله، لأن حالته خارجة عن الأسباب، وجعله الله من آياته وعجائب مخلوقاته، فأرسل الله جبريل عليه السلام إلى مريم، فنفخ في جيب درعها فولجت فيها تلك النفخة الزكية من ذلك الملك الزكي، فأنشأ الله منها تلك الروح الزكية، فكان روحانيا نشأ من مادة روحانية، فلهذا سمى روح الله {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أي: