للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه لا مشابهة بين ذلك الشكل المخصوص وبين هذا الإنسان الذي انفصل من بطن الأم إلا في أمر واحد وهو أن كل واحد ظهر بعد الخفاء وهو بمجرد ذلك لا يوجب ارتباط ذلك الشكل المخصوص للفلك بسائر أحوال هذا الإنسان البتة فمدعى ذلك فاسد العقل والنظر.

الثالث: أنه عند حدوث ذلك الطالع حدثت أنواع من الحيوانات وأنواع من النبات وأنواع من الجمادات فلو كان ذلك يوجب آثارا مخصوص لوجب اشتراك كل الأشياء التي حدثت في عالمنا هذا في ذلك الوقت في تلك الآثار وحيث لم يكن الأمر كذلك علمنا أن القول بتأثير الطالع باطل.

الرابع: هب أن الطالع له أثر إلا أن الواجب أن يقال الطالع المعتبر هو طالع مسقط النطفة لا طالع الولادة وذلك لأن عند مسقط النطفة يأخذ ذلك الشخص في التكون والتولد فأما عند الولادة فالشخص قد تم تكونه وحدوثه ولا حادث في هذا الوقت إلا انتقاله من مكان إلي مكان آخر فثبت أنه لو كان للطالع اعتبار لوجب أن يكون المعتبر هو طالع مسقط النطفة لا طالع الولادة.

السادس: أن المعقول من تأثير هذه الكواكب في العالم السفلي هو أنها بحسب مساقط شعاعاتها تسخن هذا العالم أنواعا من السخونة فأما تأثيراتها في حصول الأحوال النفسانية من الذكاء والبلادة والسعادة والشقاوة وحسن الخلق وقبحه والغنى والفقر والهم والسرور واللذة والألم فلو كان معلوما لكان طريق علمه أما بالخبر الذي لا يجوز عليه الكذب أو الحس الذي يشترك فيه الناس أو ضرورة العقل أو نظره وشيء من هذا كله غير موجود البتة فالقول به باطل ولا يمكن للإحكاميين أن يدعوا واحدًا من الثلاثة الأول وغايتهم أن يدعوا أن النظر والتجربة قادهم إلى ذلك وأوقعهم عليه ونحن نبين فساد هذا النظر والتجربة بما لا يمكن دفعه من الوجوه التي ذكرناها ونذكر غيرها مما هو مثلها وأقوى منها وكل علم صحيح فله براهين يستند إليها تنتهي إلى الحس أو ضرورة العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>