للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على أن هذا هو المعنى الذي أراده زيد بعبارته تلك قول زيد نفسه: فقدت آية من سورة الأحزاب. . إلخ، فإن تعبيره بلفظ فقدت يشعر بأنه كان يحفظ هذه الآية، وأنها كانت معروفة له غير أنه فقد مكتوبها فلم يجده إلا مع خزيمة، وإلا فمن الذي أنبأ زيدًا أنه فقد آية.

وقال أيضًا: إن كلام زيد فيما مضى من ختام التوبة وآية الأحزاب لا يدل على عدم تواترهما حتى على فرض أنه يريد انفراد أبي خزيمة وخزيمة بذكرهما من حفظهما، غاية ما يدل عليه كلامه أنهما انفردا بذكرهما ابتداء ثم تذكر الصحابة ما ذكراه، وكان هؤلاء الصحابة جمعا يؤمن تواطؤهم على الكذب، فدونت تلك الآيات في الصحف والمصحف بعد قيام هذا التواتر فيها (١).

[الوجه الرابع: الرد على بعض الاعتراضات في ذلك.]

[الرد على قولهم: أنهم لا يعرفون هل آية التوبة كانت مع أبي خزيمة أم مع الحارث بن خزمة؟]

[الوجه الأول: الأثر لا يصح فكيف يستدل به؟]

عن عباد بن عبد الله بن الزبير قَالَ: أَتَى الحارِثُ بْنُ خَزْمَةَ بِهَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةَ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِى، وَالله إِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَوَعَيْتُهَا وَحَفِظْتُهَا. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَضَعُوهَا فِيهَا، فَوَضَعْتُهَا في آخِرِ بَرَاءَةَ. (٢)

قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده ضعيف لانقطاعه. عباد بن عبد الله بن الزبير: ثقة كما قلنا، ولكنه لم يدرك قصة جمع القرآن؛ بل ما أظنه أدرك الحارث بن خزمة، ولئن أدركه لما


(١) مناهل العرفان ١/ ١٩٨: ١٩٩.
(٢) ضعيف. أخرجه أحمد في مسنده ١/ ١٩٩، وابن أبي داود في المصاحف (٩٦) محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير به.
فيه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، وعباد بن عبد الله لم يدرك قصة الجمع. وهذا الأثر ضعفه الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (١٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>