للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرام فإذا غلب على الظن أن القبلة والمباشرة من هذا الشخص في هذا الوقت توصل إليه علم أنها حرام لكن لا لذاتها وإنما لما تؤل إليه.

وإذا علم أن إتمام الصيام واجب وهو لا يتم مع أشخاص معينين إلا بالمنع من القبلة وجب المنع منها في حقهم لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وبهذا يظهر الفرق في هذه المسألة بين من سأل نادما ومن سأل ليترخص وقد بدا عليه الشبق والشهوة، وبه يجمع بين الأدلة إن شاء الله تعالى. (١)

وها هي بعض النصوص في هذه المسألة.

أولًا: نصوص الترخيص في القبلة من غير تفرقة بين الشاب والشيخ:


(١) انظر في هذا المعنى ما سبق من كلام بن عبد البر التفرقة بين الشاب، والشيخ وانظر فتح الباري (٤/ ١٥٢)، إلى هذا المعنى أشار الحافظ في التلخيص (٤/ ١٨٧) عند ذكر حديث ابن عباس أنه سئل عمن قتل أله توبة فقال مرة لا وقال مرة نعم فسئل عن ذلك فقال رأيت في عيني الأول أنه يقصد القتل فقمعته وكان الثاني صاحب واقعة يطلب المخرج، قال ابن أبي شيبة: نا يزيد بن هارون أنا أبو مالك الأشجعي، عن سعد بن عبيدة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: ألمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: لا إلى النار، فلما ذهب، قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا فما بال هذا اليوم قال: إني أحسبه مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا، قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك. رجاله ثقات، وروى سعيد بن منصور، نا سفيان، قال: كان أهل العلم إذا سئلوا عن القاتل، قالوا: لا توبة له، وإذا ابتلي رجل، قالوا له: تب، وفي المعنى ما أخرجه أبو داود، عن أبي هريرة، أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم، فرخص له، وأتاه آخر فسأله، فنهاه. فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب.
وكذا قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: وإذا رأى المفتي من المصلحة عندما تسأله عامة أو سوقة أن يفتي بما له فيه تأول، وإن كان لا يعتقد ذلك، بل لردع السائل، وكفه، فعل، فقد روي عن ابن عباس أن رجلا سأله عن توبة القاتل، فقال: لا توبة له، وسأله آخر فقال: له توبة، ثم قال: أما الأول: فرأيت في عينيه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني: فجاء مستكينا، وقد قتل فلم أؤيسه.
ثم أسند عن عمر في شأن القبلة ما يدلل به على هذا الأصل في الفتوى ثم ذكر حديث أبي هريرة المرفوع الآتي ذكره ثم قال: أنا محمد بن أبي علي الأصبهاني، نا محمد بن إسحاق الأهوازي، نا عبد الأول بن إسماعيل الأهوازي، نا عبد الله بن خبيق، عن يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: ربما أنبأتكم بالشيء، أنهاكم عنه، احتياطا بكم، وإشفاقا على دينكم، "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل شاب، يسأله عن القبلة للصائم، فنهاه عنها، وسأله شيخ عنها فأمره بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>