والرد على ذلك من وجوه: الوجه الأول: أن قولها: فكرهتها محمول على الغيرة الطبعية التي في النساء.
الوجه الثاني: أنها قالت: ذلك قبل أن تصير جويرية زوجة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقبل أن تسلم.
[الوجه الثالث: ثناء عائشة عليها بعد إسلامها]
أنها لما أسلمت وصارت زوجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- أثنت عليها عائشة بأبلغ الثناء؛ فقالت: فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها.
الوجه الرابع: أن عائشة بهذا السياق تريد أن تخبر عن جمال جويرية، وعن موقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قومها، وعن اختيارها جوار النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم ترد بذلك قطعًا شين جويرية؛ لأن هذه الأشياء في ديننا حسنة فلو أرادت ذمها لما ذكرت هذه الأمور.
الوجه الخامس: أن هذا الحديث واضح في مناقب وفضائل جويرية -رضي الله عنها-، والتي روته هي عائشة -رضي الله عنها-؛ فإما أن تكون كارهة لها أو لا، فلو كانت كارهة لها وروت فضيلتها لكان هذا دليلًا على أن المراد بالكراهية الغيرة التي لا تحمل على محرم أو على كتمان فضيلة، ولكان دليلًا على فضيلة عائشة -رضي الله عنها- لأنها تروي فضائل من تغار منها أو تكرهها على حسب ما جاء في الرواية. ولو لم تكن كارهة لها وهو الحق -سوى أمر الغيرة- لما كان في الأمر أي شيء، ولكنها نظرة الشانئ الحاقد ترى الحَسن قبيحًا، والله الستعان.
وأما قولهم: نظر النبي إليها فقد سبق الكلام عليه في تعدد زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-.