الطوفان حدث ذو جلالة عظيمة إنه حكم يصيب الجنس البشري كله) ولقد تأثر في ذلك بكتابات أوريجن في مواعظه عن حزقيال عندما تحدث عن حطام السفينة التي أنقذت العالم كله، ثم يستطرد الكاردينال دانييلو في بيان أهمية وقيمة الرقم ثمانية (٨) وهو الرقم الذي ذكرت التوراة أن الله قد أمر سيدنا نوحًا أن يأخذ معه في السفينة من كل نوع من أنواع الموجودات وهو أيضًا الرقم الذي يحدد عدد البشر على السفينة (باعتبار أنهم نوح وزوجته وأبناؤه الثلاثة وزوجاتهم) ويستعير دانييلو أيضا ما سبق أن كتبه أيضًا جوستين في (المحاورة) عندما قال إن العدد (٨) يرمز أيضًا إلى اليوم الثامن (عندما قام المسيح من بين الموتى) ويقول أيضًا (ولقد كان نوح وهو أول من كتبت له الحياة بعد الطوفان صورة حية معبرة عن الدور الذي أداه المسيح في حقيقة حياة البشرية).
وتستمر المقارنة ويستمر الاستطراد في المقارنة بين سيدنا نوح الذي نجا وأنقذه البشرية من الهلاك بواسطة السفينة المصنوعة من الخشب الشبيه بخشب الصليب وطفت وعامت السفينة فوق الماء الشبيه بماء التعميد الذي ينقذ البشر من الهلاك من الجهة الأخرى، ويمكن أن يقال الكثير عن مثل هذه المقارنة.
وينبغي أن نتذكر أنها تعليقات على حادثة لا يمكن الدفاع عنها كحقيقة، سواء تعلقها بالعالم كله أو تعلقها بالوقت الذي وقعت فيه حادثة الطوفان، كما تحدد التوراة زمان حدوث الطوفان.
إن تعليقات الكاردينال دانييلو ترجع بنا إلى العصر الوسيط حيث كانت نصوص التوراة يتم قبولها دون أي مناقشة حيث كانت المعقولية معدومة الصلة بالنصوص. (١)
[٥ - إقرار آخر وتبرير]
ومع ذلك نجد بعض الكتابات المشجعة في ظلمات العصر الوسيط مثل كتابات القديس أوغسطين التي نبعت من تفكيره الشخصي المستقل المستنير الذي انفرد بالتقدم
(١) التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث ٧٣ - ٧٤.