للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولهم، وهو أمر معنا الوعيد بالتهديد وعدم الاكتراث بهم وبما يقولون في الآيات أي نصرفها ليدّعوا فيها ما شاءوا فلا اكتراث بدعواهم.

{وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي نصرف الآيات، وأعاد الضمير مفردًا قالوا على معنى الآيات؛ لأنها القرآن كأنه قال: وكذلك نصرف القرآن أو على القرآن ودل عليه الآيات أو درست أو على المصدر المفهوم من {وَلِنُبَيِّنَهُ} أي ولنبين التبيين كما تقول: ضربته زيدًا إذا أردت ضربت الضرب زيدًا أو على المصدر المفهوم من نصرف (١).

[الوجه الثالث: قراءة (دارست) قراءة متواترة لا يمكن إنكارها]

قال الآلوسي: وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (دارست) بالألف وفتح التاء وهي قراءة ابن عباس ومجاهد: أي دارست يا محمد غيرك ممن يعلم الأخبار الماضية وذكرته، وأرادوا بذلك نحو ما أرادوه بقولهم: {يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (٢).

وهذه القراءة توضح أنهم معترفون بأن النبي أمي، ولكنهم يتشككون في كونه تعلم هذا القرآن من غيره، وليس بشرط أن كل متعلم لشيء ما أنه يتعلمه عن طريق القراءة والكتابة، بل التعلم قد يكون بالمشافهة، كما أن العلماء اتفقوا أن تلاوة القرآن ومعرفة مخارج حروفه لا تكون إلا عن طريق المشافهة، لذلك كان هناك من علماء القراءات من كان كفيفًا: كالشاطبي وغيره.

[الوجه الرابع]

قال الآلوسي: إن معنى {دَرَسْتَ}: يعود فيه إلى التذليل والتليين (٣).

فيتضح من ذلك أن معنى درست تتعلق بكونه: إما بالقراءة من كتاب، وإما بالقراءة على أحد ما، وإما بكثرة الاسترجاع من الذاكرة والحفظ. فالأمران الأخيران لا يشترط فيهما القراءة من كتاب؛ لأن القراءة على أحد ما: لا يشترط أن تكون من كتاب يُقرأ.


(١) تفسير البحر المحيط ٥/ ٢٢٥.
(٢) روح المعاني ٥/ ٤٦٩.
(٣) روح المعاني ٥/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>