للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرباب المستولية على هذا العالم قد تشققت وانفطرت ظهرت حينئذ فضائحهم وتبين كذبهم وظهر أن العالم مربوب محدث مدبر له رب يصرفه كيف يشاء. (١)

وأما قوله تعالى {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥)} ففيها قولان:

أحدهما: أنها النجوم المعروفة وعلى هذا ففي مواقعها أقوال أحدها: أنه انكدارها وانتشارها يوم القيامة وهذا قول الحسن والمنجمون يكذبون بهذا ولا يقرون به، والثاني: مواقعها منازلها قاله عطاء وقتادة، والثالث: أنه مغاربها والرابع: أنه مواقعها عند طلوعها وغروبها، حكاه ابن عطية عن مجاهد وأبي عبيدة، والخامس: أن مواقعها مواضعها من السماء، وهذا الذي حكاه ابن الجوزي عن قتادة حكاه ابن عطية عنه فيحتمل أن يكونا واحدًا وأن يكونا قولين. السادس: أن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وقت الرجوم حكاه ابن عطية أيضًا ولم يذكر أبو الفرج ابن الجوزي سوى الثلاثة الأول.

القول الثاني: أن مواقع النجوم هي منازل القرآن ونجومه التي نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مدة ثلاث وعشرين سنة.

فإن كان المراد من القسم نجوم القرآن بطل استدلاله بالآية، وإن كان المراد الكواكب وهو قول الأكثرين فلما فيها من الآيات الدالة على ربوبية الله تعالى وانفراده بالخلق والإبداع، فإنه لا ينبغي أن تكون الإلهية إلا له وحده كما انه وحده المتفرد بخلقها وإبداعها، وما تضمنته من الآيات والعجائب فالإقسام بها أوضح دليل على تكذيب المشركين والمنجمين والدهرية ونوعى المعطلة كما تقدم وكذلك قوله والنجم الثاقب.

الشبهة الثانية: قالوا هناك آيات دالة على أن لها تأثيرًا في هذا العالم.

كقوله عَزّ وجل: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥)} [النازعات: ٥]، وقوله: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤)} [الذاريات: ٤] قال بعضهم: المراد هذه الكواكب.

والجواب عليه:


(١) مفتاح دار السعادة (٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>