للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآني: {بِمَصَابِيحَ} وهو النجوم، والجمع بين النجوم، والكواكب، ورجوم الشياطين (الشهب والنيازك) فيه إشارة إلى وحدة البناء في الكون مما يشهد للَّه الخالق بالوحدانية فوق جميع خلقه؛ وذلك لأن اللَّه -تعالى- يخلق النجوم أمام أنظار الراصدين من دخان السماء بعلمه وحكمته وطلاقه قدرته وأنه -سبحانه وتعالى- يعيد النجوم بانفجاراتها إلى دخان السماء والكواكب مفصولة أصلًا عن النجوم والشهب والنيازك من نواتج انفجار الكواكب وهكذا (١).

[الوجه الثامن: فهم ما في هذه الآيات من البلاغة يقتضي الفهم الصحيح لها، فلا يفهم القرآن من لم يفهم لغة القرآن، ومن أساليب العرب الاستطراد كما في الآية.]

١ - قال ابن القيم (٢):

هذا استطراد؛ فقوله: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} (الصافات: ٦) و {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} (الملك: ٥) فالتي جعلت رجومًا ليست هي التي زينت بها السماء ولكن استطرد من ذكر النوع إلى نوع آخر، وأعاد ضمير الثاني على الأول لدخولهما تحت جنس واحد. . . .

فذكر الخاص بعد العام استطرادًا وهو كثير في القرآن بل قد يستطرد من الخاص إلى العام كقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)}، فهذا استطراد من ذكر الأبوين إلى ذكر الذرية، فهكذا قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} فالمكتوب للذين يتقون نوع خاص من الرحمة الواسعة.


(١) في موقعه الخاص www.elnaggarzr.com
(٢) شفاء العليل ١/ ٢٦٣؛ الباب الثالث والعشرون في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر؛ فصل: (والذين قطعوا بأبدية النار) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>