للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث: لو فرضنا أن أهل الجاهلية الذين من أهل الفترة، وأنهم لم يصلهم البلاغ، ولم تقم عليهم الحجة الرسالية، ووافقنا السيوطي في ذلك؛ فإن بعض أهل الجاهلية قد جاءت فيهم نصوص خاصة بأنهم في النار، ومنهم أبوي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه الرابع: لو فرضنا أن أهل الجاهلية المبعوث فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الفترة، وأنهم لم يصلهم البلاغ ولم تقم عليهم الحجة الرسالية وأن أبوي النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا حالهم، فإنهما لن ينجوا من امتحان يوم القيامة.

الوجه الخامس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة لا تكون إلا للموحدين.

وتفصيل هذه الوجوه مما يلي:

[الوجه الأول: الموافقة على أنه لا تعذيب قبل البعثة، ولا مؤاخذة قبل البلاغ.]

قد صح في أصول الشرع أن الله تعالى فضلًا منه وإحسانًا وعفوًا، لا يعذِّب أحدًا حتى يقيم عليه الحجة الرسالية، وهي البلاغ الذي أمر الله تعالى به الرسل فقال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)} (النساء: ١٦٥). وقال سبحانه: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} (نوح: ١)، وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} (الشعراء: ٢١٤)، وقال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: ١٥)، وقال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩)} (الملك: ٨ - ٩)، وقال عز وجل: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (الأنعام: ١٣١)، وقال تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (٢٠٨)} (الشعراء: ٢٠٨).

وأما من السنة:

فعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَرْبَعَةٌ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَة، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي

<<  <  ج: ص:  >  >>