للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: ومن الخصائص أن كل نسب وسبب ينقطع نفعه وبره يوم القيامة إلا نسبه وسببه وصهره -صلى اللَّه عليه وسلم- قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}.

قال أصحابنا:

١ - قيل: معناه أن أمته ينتسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا تنتسب إليهم.

٢ - وقيل: ينتفع يومئذ بالانتساب إليه، ولا ينتفع بسائر الأنساب. وهذا أرجح من الذي قبله بل ذلك ضعيف قال اللَّه تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٤٧)} في آي كثيرة دالة على أن كل أمة تُدعى برسولها الذي أرسل إليها (١).

قال المناوي: النسب بالولادة، والسبب بالزواج؛ أصله من السبب وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء، ثم استعير لكل ما يوصل لأي شيء، (وصهري) الفرق بينه وبين النسب أن النسب راجع لولادة قريبة لجهة الآباء والصهر من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج (٢).

فالحديث معناه: أنه لا يبقى يوم القيامة سبب ولا نسب إلا نسبه وسببه؛ وهو الإيمان والقرآن، فإن قيل: قد قال هاهنا {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} وقال في موضع آخر: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)} (الصافات: ٢٧)؟

الجواب: ما رُوي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: (أن للقيامة أحوالًا ومواطن، ففي موطن يشتد عليهم الخوف فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون إفاقة فيتساءلون).

[الوجه الرابع: هذا ليس بتساؤل ولكن طلب بعضهم من بعض العفو]

قال ابن حجر: وقد تأول ابن مسعود نفي المساءلة على معنى آخر وهو طلب بعضهم من بعض العفو (٣).


(١) الفصول في السيرة ١/ ٣٣٣.
(٢) فيض القدير ٤/ ٤٢١.
(٣) فتح الباري ٨/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>