للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن عمير لأبيه وأمه يأسرني. فقال: شدَّ يدك به! فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه منك. قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم بنا. ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فاستحيي فأردها على أحدهم، فيردها ما يمسها (١).

[٢ - توفير الكساء]

ومن مظاهر الإحسان في الإسلام للأسرى أنه لا يترك الأسرى بدون كساء يقيهم حر الصيف وشدة البرد. فقد روى البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِىَ بِأُسَارَى، وَأُتِىَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ الله بْنِ أُبَىٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ الَّذِى أَلْبَسَهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ. (٢) وقد بوَّب البخاري على هذا الحديث بابًا بعنوان: (الكسوة للأسارى).

وأوصى القاضي أبو يوسف خليفة المسلمين هارون الرشيد: أن يصرف للسجناء ملابس ثقيلة تحميهم من برد الشتاء، وملابس خفيفة تروح عنهم حر الصيف (٣).

[٣ - توفير السكن المناسب لهم]

في العصور الأولى للإسلام التي لم يكن فيها سجون وزَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسرى على الناس؛ لإسكانهم في بيوتهم، وكان يحبس البعض في المسجد، ويوصي بهم خيرًا. ولما اتخذت السجون نبه كثير من العلماء إلى ضرورة أن تكون واسعة وصحية.

فقال ابن هبيرة: (لا يجوز جمع السجناء في مكان ضيق) (٤)، وقال الماوردي: (لا يجوز


(١) وقال الهيثمي في المجمع ٦/ ٨٦: رواه الطبراني وإسناده حسن.
(٢) رواه البخاري (٢٨٤٦).
(٣) الخراج لأبي يوسف صـ ١٦٢.
(٤) الإفصاح لابن هبيرة ١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>