للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لا بأس أن تأتيهم، وإن لم يأذن لها حين خرج.

قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه لو كان حاضرًا فأراد أن يمنعها من ذلك لم يكن ذلك له، فليس على المرأة واجبًا أن تستأذن زوجها إلا فيما له أن يمنعها منه (١).

تاسعًا: خروج المرأة لطلب الدعاء من الصالحين الأحياء

وكانت المرأة في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تخرج إليه لطلب الدعاء منه، سواء لنفسها أو لولدها.

دلَّ على ذلك ما يلي:

١ - عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أتَت النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّه لِي. قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّه أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّه لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا (٢).

٢ - عَن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَتْ: يَا رسول اللَّه إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقَع (٣)، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النبوةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ (٤)، (٥).

٣ - عَنْ أَسْمَاءَ -رضي اللَّه عنها-، أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّه بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ (٦)، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَوَضَعْتُهُ فِي حجْرِهِ، ثُمَّ


(١) البيان والتحصيل ٤/ ٣١٨.
(٢) البخاري (٥٦٥٢)، ومسلم (٢٥٧٦).
(٣) ابن أختى وقع أي: مريض مشتكٍ.
(٤) زر الحجلة، الزر: واحد الأزرار، التي تُشد بها الكلل والستور على ما يكون في حجلة العروس، وقيل: إنما هو بتقديم الراء على الزاى، ويريد بالحجلة القبجة، مأخوذ من أرزّتِ الجرادة إذا كبست ذنبها في الأرض فباضت، ويشهد له ما رواه الترمذي في كتابه بإسناده، عن جابر بن سمرة وكان خاتم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي بين كتفيه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة. (النهاية ٢/ ٣٠٠).
(٥) البخاري (١٩٠)، ومسلم (٢٣٤٥).
(٦) (متم) أي مقاربة للولادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>