"فالمسيح ساطع في كل الكتاب المقدس في إشراق دائم، وليس كالشمس التي تغيب عن نصف الأرض ليلًا، إذ ليس في التوراة أو كتب الأنبياء جزء تغرب عنه شمس المسيح، بل يشع اسمه، وشخصه، وصفاته، وأعماله، وظروفه، وأحواله في التوراة، وكتب الأنبياء، وفي ثنايا سطورها نجد المسيح في كل جملة، وفي كل إصحاح، وفي كل سفر من أسفارها. وما حروفها وكلماتها إلا خطوط أو ظلال لصورة المسيح المجيدة ... فنحن المسيحيين لا نهتم أين نفتح التوراة وكتب الأنبياء لنجد الكلام عن المسيح ... "(١)، ورغم ما في الكلام من مبالغة، فإننا نستشف منه أهمية النصوص التوارتية في الدلالة على المسيح.
ولسفر المزامير وموضوع الصلب شأن خاص، يصفه سرجيوس فيقول:"أما سفر المزامير فكان الهالة التي أحاطت بكوكب يسوع، فتكلم حتى عن إحساساته العميقة، وآلامه المبرحة، ناهيك عن صفاته وألقابه، أكثر من أي نبي آخر، ويمكننا القول: إن سفر المزامير هو سفر "مسِيّا" الخاص، بدليل أن الاقتباسات التي اقتبسها كتبة العهد القديم من سفر المزامير هذا بلغت نصف الاقتباسات المأخوذة من العهد القديم كله".
[المطلب الثاني: البعث في المزامير وتوجيهها]
دعونا نتجرد ونبحث عن الجواب الصحيح في سفر المزامير الذي فاقت أهميته عند اللاهوتيين جميع الأسفار، ولسوف نستعرض في هذه العجالة ثلاثة عشر مزمورًا فقط، من نبوءات المزامير، وهي تتحدث عن المسيح المصلوب.
أولًا: المزمور الثاني (نبوءة عن المؤامرة الفاشلة لصلب المسيح).