للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ضمن الهجر: امتناعه من كلامها: ولا يزيد في هجرة الكلام على ثلاث (١).

ولا يهجرها إلا بعد عدم تأثير الوعظ؛ فإن أثر الوعظ لم ينتقل إلى الهجر، وإن كفاه الهجر، لم ينتقل إلى الضرب، فكلا من الهجر والضرب مقيد بعلم النشوز ولا يجوز بمجرد الظن (٢).

ولك أن تقول: إن عبارة في المضاجع تدل بمفهومها على منع ما جعله بعضهم معنى لها، فهو يقول: " {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} ولا يتحقق هذا بهجر المضجع نفسه، وهو الفراش، ولا يهجر الحجرة التي يكون فيها الاضطجاع؛ وإنما يتحقق بهجر في الفراش نفسه، وتعمد هجر الفراش أو الحجرة زيادة في العقوبة، لم يأذن بها الله تعالى، وربما يكون سببًا لزيادة الجفوة، ومن الهجر في المضجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضجع أو البيت الذي هو فيه؛ لأن الاجتماع في المضجع يهيج شعور الزوجية، فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك، فإذا هجر الرجل المرأة وأعرض عنها في هذه الحالة، رجي أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب، ويهبط بها من نشز المخالفة إلى الموافقة (٣).

٩ - عدم طلاقها في الحيض، أو طهر مسها فيه: قال الله: عز وجل {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} (الطلاق: ١)، وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها؛ فإن بدا له أن يطلقها؛ فليطلقها طاهرًا من حيضتها قبل أن يمسها، فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله" (٤).

أجمع العلماء على أن المطلق للسنة في المدخول بها: هو الذي يطلق امرأته في طهر لم يمسها


(١) نظم الدرر (٢/ ٢٥٢).
(٢) فتح البيان في مقاصد القران (٣/ ١٠٧).
(٣) تفسير المنار (٥/ ٧٣).
(٤) البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>