للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٢ - شبهة اختلاق الأسف لله.]

[نص الشبهة]

ظن هؤلاء المعترضون من خلال نظرهم في القرآن أن الله يأسف، على بعض ما وقع من الناس فقالوا: الله يشعر بالأسف، في قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)} [الزخرف: ٥٥].

والجواب عن ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: معنى الأسف.]

قال ابن منظور: الأَسَفُ: المُبالغةُ في الحُزْنِ والغَضَبِ، وأَسِفَ أَسَفًا، فهو أَسِفٌ وأَسْفان وآسِفٌ وأَسُوفٌ وأَسِيفٌ، والجمع أُسَفَاء.

وقد أَسِفَ على ما فاتَه وتأَسَّف أَي تَلَهَّفَ، وأَسِفَ عليه أَسَفًا أَي غَضِبَ.

وآسَفَه: أَغْضَبَه، وفي التنزيل العزيز: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}، معنى آسَفُونا أَغْضَبُونا، وكذلك قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}. (١)

[الوجه الثاني: تفسير الآية.]

قال ابن جرير الطبري: يقول الله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا} يعني بقوله: اسفونا: أغضبونا. (٢)

وقال الشيخ محمد خليل هراس: وَأَمَّا قَوْلُهُ: (فَلَمّا آسَفُونَا) .. إِلَخْ، فَالْأَسَفُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى شِدَّةِ الحزْنِ، وَبِمَعْنَى شِدَّةِ الْغَضَبِ وَالسَّخَطِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيةِ.

وَالانْتِقَامُ: المُجَازَاةُ بِالْعُقُوبَةِ، مَأْخُوذٌ مِنَ النِّقْمَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْكَرَاهَةِ وَالسَّخَطِ. (٣)

فتبين من ذلك أن الأسف في الآية بمعنى الغضب وليس بمعنى الحزن كما هو مشاع عند العامة.


(١) لسان العرب (مادة: أسف).
(٢) تفسير الطبري ١٦/ ١٩٦.
(٣) شرح العقيدة الواسطية ص ١١٥ لمحمد خليل هراس.

<<  <  ج: ص:  >  >>