للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال الفروق قائمةً بين المواطنين في أبسط الحقوق على أساس اللّون والجنس، فصاحب البشرة البيضاء أسمى منزلةً وأعلى قدرًا من صاحب البشرة السوداء، ولا مساواة بين الاثنين في الحقوق الآدمية ولا أمام القانون.

ولو كان هذا التفريق والتمايز في واقع الحياة فقط لأمكن أن يدعي البعض أنه من انحراف الأفراد ولا تسأل عنه الدولة، ولكن الواقع أن القانون نفسه يقر ويعترف صراحةً بهذا التمايز الظالم بين الأسود والأبيض ويحميه وإن كان الاثنان يحملان الجنسية الأمريكية.

فمن هذه النصوص القانونية في بعض الولايات الأمريكية:

أن النكاح بين شخصين أبيض وآخر زنجيّ يعتبر نكاحًا باطلًا. وبطلان العقد هنا لا يرجع إلى نقص أهلية العاقدين، فأهليتهما كاملة وإنما يرجع إلى شيء آخر خطير في نظر القانون هو أن أحد طرفي عقد النكاح ذو بشرة بيضاء بينما الطرف الآخر في العقد ذو بشرة سوداء.

ومن هذه النصوص أيضًا في بعض الولايات المتحدة الأمريكية: أن كل من يطبع أو ينشر أو يوزع ما فيه دعوة أو حث للجمهور على إقرار المساواة الاجتماعية، والزواج بين البيض والسود، أو تقديم حجج للجمهور أو مجرد اقتراح في هذا السبيل يعتبر عملهُ جريمةً يعاقب عليها القانون بغرامة لا تتجاوز خمسمائة دولار أو بالسجن مدةً لا تتجاوز ستَّة أشهر أو بالعقوبتين.

أما التمايز بين رعايا المستعمِر "بكسر الميم" وأهل البلاد المنكوبة بالاستعمار فحدِّث ولا حرج، فالمستعمرون يضعون من القوانين ما يجعل أهل البلاد المستعمرة بمنزلة البهائم، دون أن يشعر هؤلاء المستعمرون بتأنيب ضمير أو بجَوْرهم على هؤلاء الآدميين. وما يعتبرونه ظلمًا في بلادهم، وبالنسبة لرعاياهم يعتبرونه حقًّا وعدلًا بالنسبة لأهل البلاد المنكوبة باستعمارهم. وهذا وغيره يدل على مدى ما عند الإنسان من ظلم وجور وهوى ومحاباة وجهل.

الميزة الثانية: الاحترام والهيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>