فالإسلام لما كان دين الفطرة السوية لم ينكر غرائز الإنسان، ومنها الغريزة الجنسية، وإنما نظمها ووضع لها الشروط والقواعد الحضارية التي تلائم الإنسان المستمدة من تكريم خالقه عز وجل إياه، فأخذ موقف الوسطية لأنه هو الدين الوسط ولم يطلق العنان، وإنما كبح جماح الشهوة حتى لا يلحق الإنسان بالحياة الحيوانية، فحلول الإسلام فيها الوسطية والاعتدال بلا إفراط ولا تفريط (١)، بل عالج القضايا من منطلق فطرة الإنسان وكرامته، فتأمل جيدًا حكمة العليم الخبير في قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} (الإسر اء: ٣٢)، وقوله:{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}(الأنعام: ١٥١)، هذا عن عدم القرب فما بالك بالجريمة نفسها وإتيان الفعل نفسه، فلا شك أنه يسبب أضرارًا لا يعلمها إلا اللَّه، وقد رأينا بعضًا منها، وهو الحصاد المر الذي خلفه لنا كل من أطلق العنان لنفسه من أجل شهوة تنتهي في بضع دقائق، ولم يكبح جماحها كما أمر رب العزة سبحانه وتعالى.
[٩ - الكتاب المقدس يشيع الفاحشة ويحض على الزنا.]
ما هي فائدة الكتب السماوية التي تأتي للبشرية عن طريق الأنبياء والرسل؟ لا شك أن الإجابة معروفة وجلية لكثير من الناس، فأي كتاب من عند اللَّه يشمل منافع ووصايا للتعليم والتقويم والتأديب، وهذا ما نص عليه الكتاب:"كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللَّهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ"(تيموثاوس ٢ (٣/ ١٦).
وها هو الكتاب نفسه يشيع الفاحشة ويحض على الزنا، ويحفل في طياته كثير من الممارسات الجنسية الآثمة، بل وتراها بالوصف الدقيق، وإن القلم ليستحي أن يكتب مثل هذه الألفاظ التي تخدش الحياء، ولكن الضرورة تدعو لذلك حتى يتبين للعاقل أنه أقرب
(١) الإعجاز الطبي في الكتاب والسنة (٧١: ٧٠) بتصرف.