للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نص على ذلك المستشرقون أنفسهم، فهذا (جوتين) يقول عن صحائف اليهود (إن تلك الصحائف مكتوبة بلغة أجنبية) وقد أشارت الموسوعة البريطانية إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود قبل الإسلام وأن أول ترجمة كانت في أوائل العصر العباسي، وكانت بأحرف عبرية (١).

كيف إذن أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - منها، لا بد على المستشرقين أن يفتروا كذبة جديدة، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - درس لغة التوراة فكان يترجمها للقرآن؟ ! ! . (٢)

[الوجه الرابع عشر: لو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - ينقل كتابه من كتب غيره، لكان إذا سأله سائل يتريث حتى يراجع الكتب التي عنده.]

ومن لطائف الاستدلال على أنه لم ينقل من غيره ما يذكره العلماء في فوائد أسباب النزول؛ إذ يذكرون أن من فوائد أسباب النزول أن دلالته على إعجاز القرآن، وأنه من الله تعالى من ناحية الارتجال، فنزوله بعد الحادثة مباشرة يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين، أو من كتب السابقين (٣)، فلو كان ينقل كتابه من كتب غيره، لكان إذا سأله سائل يتريث حتى يراجع الكتب التي عنده، وينظر ماذا تقول في هذه المسألة ثم يجيب، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعل، بل يسأله الرجل فيعطيه الجواب الموافق للصواب، الذي لم يكن قرأه ولا عرفه إلا في هذه اللحظة التي نزل عليه فيها، وقد ذكرت في مبحث أدلة صدق النبي وقائع كثيرة تدل على هذا المعنى.

[الوجه الخامس عشر: التحدي أن يأتي بمثله]

من أوضح الأدلة على رد دعوى النقل من غيره التحدي أن يأتي بمثله.

قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣] (٤).

الوجه السادس عشر: هذه الأصول المأخوذة من التوراة والإنجيل والكتب السابقة التي يزعمون أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد نقل عنها موجودة في متناول أيدي الجميع، فلماذا يتحدى


(١) دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه د. جوتين، نقلا عن كتاب الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده، لمحمود ماضي صـ: ١٤٧.
(٢) الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري ص - ٢٢٣ المطلب الثاني: نقله من غيره، والرد عليهم.
(٣) التحرير والتنوير (١/ ٥٠).
(٤) انظر بحث إعجاز القرآن، وشبهة تأليف القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>