للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٧ - العصر الجاهلي للعرب.]

وعرف أيضًا في العصر الجاهلي للعرب. (١)


= والعاهر كانت تجلد خمسين جلدة ويصب القطران على رأسها. وكان من الواجب على كل من يشاهد أمة، أو عاهرة، أو داعرة متحجبة أن يقبض عليها، ويأتي بها إلى محكمة القصر وكان يكافأ على عمله بمنحه ثيابها. وعلى العكس من ذلك إذا شاهد إنسان أمة، أو عاهرة، أو داعرة متحجبة ولم يقبض عليها تعرض لعقاب شديد، فكان يجلد خمسين جلدة، وتثقب أذناه، وتربطان بخيط يعقد عند ظهره. ويأخذ من أقام عليه الدعوى ثيابه، ويسخر في خدمة الملك شهرًا.
ونلاحظ أن الأمة إذا خرجت مع سيدتها وجب عليها أن تتحجب، وكذلك تفعل العاهر أو الداعر إذا تزوجت.
وتبين فقرة أخرى من اللوحة نفسها الإجراءات التي ينبغي اتباعها عندما يريد الرجل إعطاء سريته صفة الزوجة؛ فينبغي عليه أن يستدعي خمسة أو ستة من معارفه؛ ويحجبها أمامهم قائلًا: (إنها زوجتي)، فتصبح زوجة له.
(١) أما دعوى (فير) أن الحجاب لم يكن معروفًا في الجاهلية فغير صحيحة تدحضها الأخبار، وتبطلها الأشعار.
فالأخبار صحيحة في ممارسة النساء للحجاب، منها أنه كان السبب في اليوم الثاني من أيام الفجار الأول أن شبابًا من قريش وبني كنانة رأوا امرأة جميلة وسيمة من بني عامر بسوق عكاظ، وسألوها أن تسفر فأبت، فامتهنها أحدهم، فاستغاثت بقومها فقامت حرب.
ومنها أن السبب في اعتلاق عبد اللَّه بن علقمة بصاحبته حبيش أنه نزل ضيفًا عند آلها، فأجلسوه في متحدث لهم، فخرجت حبيش وعلى وجهها سب أخضر، فضربه الهواء. فانكشف وجهها ويداها، فهام بها عبد اللَّه.
وكانت هند بنت صعصعة جد الفرزدق تفاخر بقولها: من جاءت من نساء العرب بأربعة كأربعة يحل لي أن أضع خماري معهم فلها صرمتي: أبى صعصعة، وأخي غالب، وخالي الأقرع، وزوجي الزبرقان بن بدر. وهي ذات الخمار؛ لأنها دخلت على هؤلاء الأربعة فألقت خمارها، فقالوا لها: ما هذا، ولم تكوني متبرجة؟ فقالت: داخلتني خيلاء حين رأيتكم، فأي امرأة من العرب وضعت خمارها عند مثلكم فلها صرمتي، وفي أمثالهم ما يؤيد معرفتهم الحجاب، كقولهم: (إن العوان لا تعلم الخمرة) أي لا تحتاج إلى تعلم الاختمار، تضرب مثلا للرجل المجرب.
والشعر الجاهلي حافل بذكر الحجاب كما حفل بذكر السفور، فمثلا يقول النمر بن تولب في امرأته التي هجرته:
وصدت كأن الشمس تحت قناعها ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب
ويقول الربيع بن زياد العبسى بعد مقتل مالك بن ظهير:
من كان مسرورًا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار
قد كن يخبأن الوجوه تسترا ... فاليوم حين بدون للنظار
يخمشن حرات الوجوه على امرئ ... سهل الخليقة طيب الأخبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>