للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد - صلى الله عليه وسلم - ١٤ عامًا [كان عمره إما ٩ أو ١٢ عامًا على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته، وكان معظم ما في الشام غريبًا وغير مفهوم بالنسبة له.

[الوجه السادس عشر: لو كان مصدر هذا الفيض الإسلامي المعجز هو بحيرى لكان هو الأحري بالنبوة والرسالة.]

إن بحيرى الراهب لو كان مصدر هذا الفيض الإسلامي المعجز لكان هو الأحرى بالنبوة والرسالة والانتداب لهذا الأمر العظيم. (١)

[الوجه السابع عشر: الأديان التي كانت في عصر نزول القرآن ما كانت تصلح لأستاذية رشيدة؛ بل كانت هي في أشد الحاجة إلى أستاذية رشيدة]

إن أصحاب هذه الشبهة من الملاحدة يقولون: إن القرآن هو الأثر التاريخي الوحيد الذي يمثل روح عصره أصدق تمثيل، فإذا كانوا صادقين في هذه الكلمة فإننا نحاكمهم في هذه الشبهة إلى القرآن نفسه، وندعوهم أن يقرؤوه ولو مرة واحدة بتعقل ونَصَفَة؛ ليعرفوا منه كيف كانت الأديان وعلماؤها وكتابها في عصره؟ وليعلموا أنها ما كانت تصلح لأستاذية رشيدة؛ بل كانت هي في أشد الحاجة إلى أستاذية رشيدة، إنهم إن فعلوا ذلك فسيستريحون ويريحون الناس من هذا الضلال والزيغ، ومن ذلك الخبط والخلط. هدانا وهداهم الله؛ فإن الهدي هداه ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.

فإن طبيعة الدين الذي ينتمي إليه الراهب بحيرى تأبى أن تكون مصدرًا للقرآن وهداياته خصوصًا بعد أن أصاب ذلك الدين ما أصابه من تغيير وتحريف. (٢)

وفي الحديث: "وَإِنَّ الله نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" (٣).

قال النووي: الْمَقْت: أَشَدّ الْبُغْض، وَالْمُرَاد بِهَذَا الْمَقْت وَالنَّظَر: مَا قَبْل بَعْثَة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَالْمُرَاد بِبَقَايَا أَهْل الْكِتَاب: الْبَاقُونَ عَلَى التَّمَسُّك بِدِيِنهمْ الْحَقّ مِنْ غَيْر تَبْدِيل (٤).


(١) مناهل العرفان ٢/ ٣٠٧.
(٢) المصدر السابق.
(٣) مسلم (٢٨٦٥).
(٤) شرح النووي ١٧/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>